Sharḥ al-maqāṣid fī ʿilm al-kalām
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
الثاني قوله تعالى
﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾
وقوله عليه السلام إن لله تعالى تسعا وتسعين اسما مع القطع بأن المسمى واحد لا تعدد فيه وأجيب بأن النزاع ليس في نفس اللفظ بل مدلوله ونحن إنما نعبر عن اللفظ بالتسمية وإن كانت في اللغة فعل الواضع أو الذاكر ثم لا ننكر إطلاق الاسم على التسمية كما في الآية والحديث على أن الحق أن المسميات أيضا كثيرة للقطع بأن مفهوم العالم غير مفهوم القادر وكذا البواقي وإنما الواحد هو الذات المتصف بالمسميات فإن قيل تمسك الفريقين بالآيات والحديث مما لا يكاد يصح لأن النزاع ليس في اسم بل في أفراد مدلوله من مثل السماء والأرض والعالم والقادر والاسم والفعل وغير ذلك على ما يشهد به كلامهم ألا يرى أنه لو أريد الأول لما كان للقول بتعدد أسماء الله تعالى وانقسامها إلى ما هو عين أو غير أو لا عين ولا غير معنى وبهذا يسقط ما ذكره الإمام الرازي من أن لفظ ا لاسم مسمى بالاسم لا الفعل والحرف فههنا الاسم والمسمى واحد ولا يحتاج إلى الجواب بأن الاسم هو لفظ الاسم من حيث أنه دال وموضوع والمسمى هو من حيث أنه مدلول وموضوع له بل فرد من أفراد الموضوع له فتغايرا قلنا نعم إلا أن وجه تمسك الأولين أن في مثل سبح اسم ربك أريد بلفظ الاسم الذي هو من جملة الأسماء مسماه الذي هو اسم من أسماء الله تعالى ثم أريد به مسماه الذي هو الذات الإلهية إلا أنه يرد إشكال الإضافة ووجه تمسك الآخرين أن في قوله تعالى
﴿ولله الأسماء الحسنى﴾
أريد بلفظ الأسماء مثل لفظ الرحمن والرحيم والعليم والقدير وغير ذلك مما هو غير لفظ الأسماء ثم أنها متعددة فيكون غير المسمى الذي هو ذات الواحد الحقيقي ا لذي لا تعدد فيه أصلا فإن قيل قد ظهر أن ليس الخلاف في لفظ الاسم وأنه في اللغة موضوع للفظ الشيء أو لمعناه بل في الأسماء التي من جملتها لفظ الاسم ولا خفاء في أنها أصوات وحروف مغايرة لمدلولاتها ومفهوماتها وإن أريد بالاسم المدلول فلا خفاء في أن مدلول اسم الشيء ومفهومه نفس مسماه من غير احتياج إلى استدلال بل هو لغو من الكلام بمنزلة قولنا ذات الشيء ذاته فما وجه هذا الاختلاف المستمر بين كثير من العقلاء قلنا الاسم إذا وقع في كلام قد يراد به معناه كقولنا زيد كاتب وقد يراد به نفس لفظه كقولنا زيد اسم معرب حتى أن كل كلمة فإنه اسم موضوع بإزاء لفظه يعبر عنه كقولنا ضرب فعل ماض ومن حرف جر وقد أوردنا لهذا زيادة توضيح وتفصيل في فوائد شرح الأصول ثم إذا أريد المعنى وقد يراد نفس ماهية المسمى كقولنا الحيوان جنس والإنسان نوع وقد يراد بعض أفرادها كقولنا جاءني إنسان ورأيت حيوانا وقد يراد جزؤها كالناطق أو عارض لها كالضاحك فلا يبعد أن يقع بهذا الاعتبار اختلاف واشتباه في أن اسم الشيء نفس مسماه أم غيره قال المبحث الثاني لا خلاف في جواز إطلاق الأسماء والصفات على الباري تعالى إذا ورد إذن الشرع وعدم جوازه إذا ورد منعه وإنما الخلاف فيما لم يرد به إذن ولا منع وكان هو موصوفا بمعناه ولم يكن إطلاقه موهما مما يستحيل في حقه فعندنا لا يجوز وعند المعتزلة يجوز وإليه مال القاضي أبو بكر منا وتوقف إمام الحرمين وفصل الإمام الغزالي رحمه الله فقال بجواز الصفة وهو ما يدل على معنى زائد على الذات دون الاسم وهو ما يدل على نفس الذات ويشكل هذا بمثل الإله اسما للمعبود والكتاب اسما للمكتوب والرميم اسما لما رم من العظام أو بلي وبأسماء الزمان والمكان والآلة ولعل المتكلم يلتزم كونها صفات وإن كانت اسما عند النحاة وقد أوردنا تمام تحقيق الفرق في فوايد شرح الأصول لنا أنه لا يجوز أن يسمى النبي صلى الله عليه وسلم بما ليس من أسمائه بل لو سمي واحد من أفراد الناس بما لم يسميه أبواه لما ارتضاه فالباري تعالى وتقدس أولى قالوا أهل كل لغة يسمونه باسم مختص بلغتهم كقولهم خداي وتنكري وشاع ذلك وذاع من غير نكير وكان إجماعا قلنا كفى بالإجماع دليلا على الإذن الشرعي وهذا ما يقال أنه لا خلاف فيما يرد في الأسماء الواردة في الشرع قال إمام الحرمين معنى الجواز وعدمه الحل والحرمة وكل منهما حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل شرعي والقياس إنما يعتبر في العمليات دون الأسماء والصفات وأجيب بأن التسمية من باب العمليات وأفعال اللسان وقال الإمام الغزالي إجراء الصفات إخبار بثبوت مدلولها فيجوز عند ثبوت المدلول إلا لمانع بالدلايل الدالة على إباحة الصدق بل استحبابه بخلاف التسمية فإنه تصرف في المسمى لا ولاية عليه إلا للأب والمالك ومن يجري مجرى ذلك فإن قيل فلم لا يجوز مثل العارف والعاقل والفطن والذكي وما أشبه ذلك قلنا لما فيه من الإيهام لشهرة استعماله مع خصوصية تمنع في حق الباري تعالى فإن المعرفة قد تشعر سبق العدم والعقل بما يعقل العالم أي يحبسه ويمنعه والفطنة والذكاء بسرعة إدراك ما غلب وكذا جميع الألفاظ الدالة على الإدراك حتى قالوا أن الدراية تشعر بضرب من الحيلة وهو إعمال الفكر والرؤية وفيه إيهام لا يجوز بدون الإذن وفاقا كالصبور والشكور والحليم والرحيم فإن قيل قد وجدنا من الأوصاف ما يمتنع إطلاقها مع ورود الشرع بها كالماكر والمستهزئ والمنزل والمنشئ والحارث والزارع والرامي قلنا لا يكفي في صحة الإجراء على الإطلاق مجرد وقوعها في الكتاب والسنة بحسب اقتضاء المقام وسياق الكلام بل يجب أن لا يخلو عن نوع تعظيم ورعاية أدب قال المبحث الثالث مفهوم الاسم قد يكون نفس الذات والحقيقة وقد يكون مأخوذا باعتبار الأجزاء وقد يكون مأخوذا باعتار الصفات والأفعال والسلوب والإضافات ولا خفاء في تكثير أسماء الله تعالى بهذا الاعتبار وامتناع ما يكون باعتبار الجزء لتنزهه عن التركب واختلفوا في الموضوع لنفس الذات فقيل جائز بل واقع كقولنا الله فإن الجمهور على أنه علم لذاته المخصوصة وكونه مأخوذا من الإله بحذف الهمزة وإدغام اللام ومشتقا من إله يأله أو وله يوله أو لاه يليه إذا احتجب أو لاه يلوه إذا ارتفع أو غير ذلك من الأقاويل الصحيحة والفاسدة لا ينافي العلمية ولا يقتضي الوصفية وقيل غير جائز لأن الوضع يقتضي العلم بالموضوع له ولا سبيل للعقول إلى العلم بحقيقة الذات وأجيب بأنه يجوز أن يكون الواضع هو الله تعالى وبأنه يكفي معرفة الموضوع له بوجه من الوجوه ككونه حقيقة ذات واجب الوجود فالموضوع له أن يكون هو الذات مع أنه لا يعرف بكنه الحقيقة وأما الاستدلال بأن اسم الله تعالى لا يكون إلا حسنا والحسن إنما هو بحسب الصفات دون ا لذات وبأن اسم العلم إنما يكون لما يدرك بالحسن ويتصور في الوهم وبأن العلم قائم مقام الإشارة ولا إشارة إلى الباري تعالى وبأن العلم لا يكون إلا لغرض التمييز عن المشاركات النوعية أو الجنسية فلا يخفى ضعفه فإن قيل اعتبار السلوب والإضافات يقتضي تكثر أسماء الله تعالى جدا حتى ذكر بعضهم أنها لا تتناهي بحسب لاتناهي الإضافات والمغايرات فما وجه التخصيص بالتسعة والتسعين على ما نطق به الحديث على أنه قد دل الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم على أن لله تعالى أسماء لم يعلمها أحدا من خلقه واستأثر بها في علم الغيب عنده وورد في الكتاب والسنة أسامي خارجة عن التسعة والتسعين كالباري والكافي والدائم والبصير والنور والمبين والصادق والمحيط والقديم والقريب والوتر والفاطر والعلام والمليك والأكرم والمدبر والرفيع وذي الطول وذي المعارج وذي الفضل والخلاق والمولى والنصير والغالب والرب والناصر وشديد العقاب وقابل التوب وغافر الذنب ومولج الليل في النهار ومولج النهار في الليل ومخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي والسيد والحنان والمنان ورمضان وقد شاع في عبارات العلماء المريد والمتكلم والشيء والموجود والذات والأزلي والصانع والواجب وأمثال ذلك أجيب بوجوه
الأول أن التخصيص على اسم العدد ربما لا يكون لنفي الزيادة بل لغرض آخر كزيادة الفضيلة مثلا
Page 172