Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
وثانيهما أن ذاته المخصوصة جزئي حقيقي يمنع تصوره الشركة فيه ولا شيء مما يعلم منه كذلك ولهذا يفتقر في بيان التوحيد أي نفي الشركة إلى الدليل ولو كان المعلوم منه يمنع الشركة لما كان كذلك وما يقال أن الواجب كلي يمتنع كثرة أفراده فمعناه أن مفهوم الواجب كذلك لا الذات المخصوص الذي يصدق عليه أنه واجب ويرد على الوجهين أنا لا نسلم أن معلوم كل أحد من البشر ما ذكرتم ومن أين لكم الإحاطة بأفراد البشر ومعلوماتهم وقد يقال على الأخير أن من جملة ما علم منه الوحدانية بأدلتها القاطعة ومع اعتبار ذلك لا تتصور الشركة ولا الافتقار إلى بيان التوحيد فيجاب بأن هذا أيضا كلي إذ لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين وإن كان المفروض محالا نعم يتوجه أن يقال الكلام في حقيقة الواجب لا في هويته ولهذا ترى القائلين بامتناع المعلومية يجعلون امتناع اكتسابه بالحد والرسم مبنيا على أنه لا تركب فيه وأن الرسم لا يفيد الحقيقة لا على أن الشخص لا يعرف بالحد والرسم والقائلين بحصول المعلومية يقولون أنه لا حقيقة له سوى كونه ذاتا واجب الوجود يجب كونه قادرا عالما حيا سميعا بصيرا إلى غير ذلك من الصفات حتى اجترأ المشايخية من المعتزلة فقالوا إنا نعلم ذاته كما يعلم هو ذاته من غير تفاوت وهذا البحث عند المتكلمين يعرف بمسألة المائية وينسب القول بها إلى ضرار حيث قال أن الله تعالى مائية لا يعلمها إلا هو ولو رؤي لرؤي عليها وفي قدرة الله تعالى أن يخلق في الخلق حاسة سادسة بها يدركون تلك المائية والخاصية وحين رؤي ذلك عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه أنكر أصحابه هذه الرواية اشد إنكار وذلك لأن المائية عبارة عن المجانسة حيث يقال ما هو بمعنى أي جنس هو من أجناس الأشياء والله تعالى منزه عن الجنس لأن كل ذي جنس مماثل لجنسه ولما تحته من الأنواع والأفراد فالقول به تشبيه وفسره بعضهم بأن الله تعالى يعلم نفسه بمشاهدة لا بدليل ولا بخبر ونحن نعلمه بدليل وخبر ومن يعلم الشيء بالمشاهدة يعلم منه مالا يعلمه من لا يشاهد وليس هناك شيء هو المائية ليلزم التشبيه وكان أصحابنا يعدلون عن لفظ المائية إلى لفظ الخاصية كما قال القاضي أن خاصيته غير معلومة لنا الآن وهل تعلم بعد رؤيته في الجنة فقد تردد احترازا عن التشبيه قال ثم هو كاف إشارة إلى جواب استدلال القائلين بوقوع العلم بحقيقته تحقيقا بأنا نحكم عليه بكثير من الصفات والتنزيهات والأفعال والحكم على الشيء يستدعي تصوره من حيث أخذ محكوما عليه وصح الحكم عليه فإذا كان الحكم على الحقيقة لزم العلم بالحقيقة وإلزاما بأن قولكم حقيقته غير معلومة اعتراف بكونها معلومة وإلا لم يصح الحكم عليها وأيضا الحكم إما إنها معلومة أو ليست بمعلومة وأيا ما كان يثبت المطلوب وتقرير الجواب أنها معلومة بحسب هذا المفهوم أعني كونها حقيقة الواجب وهذا أيضا من العوارض والوجوه والاعتبارات وكذا مفهوم الذات والماهية والكلام فيما يصدق عليه أنه الحقيقة والذات قال وأما الجواز تمسكت الفلاسفة في امتناع العلم بحقيقته بوجهين
أحدهما أن العلم هو ارتسام صورة المعلوم في النفس أي ماهيته الكلية المنتزعة من الوجود العيني بحذف المشخصات بحيث إذا وجدت كانت ذلك الشيء وليست للواجب ماهية كلية معروضة للتشخص على ما تقرر في موضعه ولو فرض ذلك لكان الواجب مقولا على تلك الصور المأخوذة في الأذهان فيصير كثيرا ويبطل التوحيد وأجيب بأنا لا نسلم أن العلم بارتسام الصورة ولو سلم فلا كذلك العلم بالواجب ولا علم الواجب ولو سلم فالمنافي للتوحيد تعدد أفراد الواجب لا الصور المأخوذة منه والمخل بالشخصية إمكان فرض صدق المفهوم على الكثيرين لا صدق الموجود العيني على الصور
Page 125