220

Sharh Maqasid

شرح المقاصد في علم الكلام

Publisher

دار المعارف النعمانية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1401هـ - 1981م

Publisher Location

باكستان

Genres

Theology

الثالث لو كان الباري ذا علم لكان فوقه عليم لقوله تعالى

﴿وفوق كل ذي علم عليم

واللازم باطل قطعا والجواب منع كونه على عمومه والمعارضة بالآيات الدالة على ثبوت العلم كما مر قال المبحث الثاني في أنه قادر المشهور أن القادر هو الذي إن شاء فعل وإن شاء ترك ومعناه أنه يتمكن من الفعل والترك أي يصح كل منهما عنه بحسب الدواعي المختلفة وهذا لا ينافي لزوم الفعل عنه عند خلوص الداعي بحيث لا يصح عدم وقوعه ولا يستلزم عدم الفرق بينه وبين الموجب لأنه الذي يجب عنه الفعل نظرا إلى نفسه بحيث لا يتمكن من الترك اصلا ولا يصدق إن شاء ترك كالشمس في الإشراق والنار في الإحراق وميل الإمام الرازي إلى أن الداعي من جنس الإدراكات وهو العلم أو الظني أو الإعتقاد أن في الفعل مصلحة ومنفعة مثلا وقيل من جنس الإرادة وقيل نفس المصلحة والمنفعة ولا خفاء في أنها لا يلزم أن تكون كذلك في نفس الأمر إذ ربما يظن المفسدة مصلحة فيقدم على الفعل ثم الأصل المعلول عليه في باب إثبات قادرية الباري أنه صانع قديم له صنع حادث وصدور الحادث عن القديم إنما يتصور بطريق القدرة دون الإيجاب وإلا يلزم تخلف المعلول عن تمام علته حيث وجدت في الأزل العلة دون المعلول ولا يتم هذا إلا بعد إثبات أن شيئا من الحوادث يستند إلى الباري تعالى بلا واسطة وذلك بأن يبين أنه قديم بذاته وصفاته وأن العالم حادث بجميع أجزائه على ما قرره المتكلمون أو يبين امتناع أن يكون موجبا بالذات ويكون في سلسلة معلولاته قديم مختار تستند إليه الحوادث وهذا مما وافقنا عليه الخصم أو حركة سرمدية تكون جزئياتها الحادثة شروطا ومعدات في حدوث الحوادث على ما زعمت الفلاسفة وقد سبق في بحث التسلسل بيان استحالة وجود مالا نهاية لها مجتمعة كانت أو متعاقبة وفي بحث حدوث العالم بيان استحالة أزلية الحركة قال إمام الحرمين رحمه الله دخول حوادث لا نهاية لأعدادها على التعاقب في الوجود معلوم البطلان بأوائل العقول وكيف ينصرم بالواحد على أثر الواحد ما انتفت عنه النهاية كالدورات التي قبل هذه الدورة التي نحن فيها على ما يزعم الملاحدة من أن العالم لم يزل على ما هو عليه ولم تزل دورة قبل دورة إلى غير أول ووالد قبل ولد وبذر قبل زرع ودجاجة قبل بيضة وهذا بخلاف إثبات حوادث لا آخر لها كنعيم الجنان فإنه ليس قضاء بوجود مالا يتناهى وهذا كما إذا قال لا أعطيك درهما إلا أعطيك قبله دينارا ولا أعطيك دينارا إلا أعطيك قبله درهما لم يتصور أن يعطيه على حكم شرطه درهما ولا دينارا بخلاف ما إذا قال لا أعطيك درهما إلا أعطيك بعده دينارا ولا أعطيك دينارا إلا أعطيك بعده درهما وبالجملة فالحدوث ينافي نفي الأولية ولا ينافي نفي الآخرية لا يقال قد يمكن تقرير هذا الاستدلال بحيث لا يفتقر إلى أحد الأمرين المذكورين كما ذكر في المواقف من أنه لو لم يكن قادرا لزم إما نفي الحادث أو عدم استناده إلى المؤثر أو التسلسل أو تخلف الأثر عن المؤثر التام لأنه إن لم يوجد حادث أصلا فهو الأمر الأول وإن وجد فإن لم يستند إلى مؤثر فهو الثاني وإن استند فإن لم ينته إلى قديم فهو الثالث وإن انتهى فلا بد من قديم يوجب حادثا بلا واسطة دفعا للتسلسل وهو الرابع لأنا نقول هذا أيضا تقرير للاستدلال المشهور بزيادة مقدمات لا حاجة إليها وهي الشرطيات الثلاث

Page 80