Sharh Maqasid
شرح المقاصد في علم الكلام
Publisher
دار المعارف النعمانية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1401هـ - 1981م
Publisher Location
باكستان
Genres
الرابعة أنه لا يعقل من قيام الصفة بالموصوف إلا حصولها في الحيز تبعا لحصوله والتحيز على الله تعالى محال فكذا قيام الصفات به والجواب أن معنى القيام هو الاختصاص الناعت على ما هو مرادكم باتصافه بالأحكام والأحوال قال والقوى إلزاما يعني أن من الشبه القوية في هذا الباب وإن كانت مقدماتها إلزامية لا تحقيقية أنه لو كانت له صفات قديمة لزم قيام المعنى بالمعنى لأن القديم يكون باقيا بالضرورة وعندكم أن بقاء الشيء صفة زائدة عليه قائمة به وأن قيام المعنى بالمعنى باطل فمن الأصحاب من لم يجعل البقاء صفة زائدة بل استمرارا للوجود ومنهم من جوز في غير المتحيز قيام المعنى بالمعنى وإنما الممتنع قيام العرض بالعرض لأن معناه التبعية في التحيز والعرض لا يستقل بالتحيز فلا يتبعه غيره بل كلاهما يتبعان الجوهر ومنهم من امتنع عن وصف الصفات بالبقاء فلم يقل علمه باق وقدرته باقية بل قال هو باق بصفاته وهذا ضعيف جدا لأن الدائم الموجود أزلا وأبدا من غير طريان فناء عليه أصلا اتصافه بالبقاء ضروري ولا يفيد التحرز عن التكلم به ومنهم من قال هي باقية ببقاء هو بقاء الذات فإنه بقاء للذات وللصفات وللبقاء لأنها ليست غير الذات بخلاف بقاء الجوهر فإنه لا يكون بقاء لأعراضه لكونها مغايرة له والبقاء القائم بالشيء لا يكون بقاء لما هو غيره وبهذا صرح الشيخ الأشعري واعترض عليه بأن الصفات كما أنها ليست غير الذات ليست عينها فكيف يجعل البقاء القائم بالذات بقاء لما ليس بالذات ولما لم يقم به البقاء ولهذا لا يتصف بعض صفات الذات مع أنها ليست غير الذات بالبعض فلا يكون العلم مثلا حيا قادرا فظهر أن علة امتناع جعل بقاء الجوهر بقاء العرض ليست تغايرهما بل كون أحدهما ليس الآخر ومنهم من قال أن الصفة باقية ببقاء هو نفسها فالعلم مثلا علم للذات فيكون به عالما وبقاء لنفسه فيكون به باقيا كما أن بقاء الله تعالى بقاء له وبقاء للبقاء أيضا وهذا كالجسم يكون كائنا بالكون والكون يكون كائنا بنفسه وجاز حصول باقيين ببقاء واحد لأن أحدهما كان قائما بالآخر فلم يؤد إلى قيام صفة بذاتين بخلاف حصول متحركين بحركة وأسودين بسواد فإن قيل فمعلوم أن الشيء إنما يكون عالما بما هو علم قادرا بما هو قدرة باقيا بما هو بقاء إلى غير ذلك وههنا قد لزم كون الذات عالما وقادرا بما هو بقاء والعلم باقيا بما هو علم والقدرة باقية بما هو قدرة وهو محال قلنا اختلاف الإضافة بدفع الاستحالة فإن المستحيل هو أن يكون الشيء عالما أو قادرا بما هو بقاء له وباقيا بما هو علم أو قدرة له واللازم هو أن الذات عالم أو قادر بما هو بقاء للعلم أو القدرة والعلم أو القدرة باق بما هو علم أو قدرة للذات ولقائل أن يقول فحينئذ لا يبقى قولكم بقاء الباقي صفة زائدة عليه قائمة به على إطلاقه وأيضا إذا جاز كون بقاء العلم نفسه مع القطع بأن مفهوم البقاء ليس مفهوم العلم فلم لا يجوز مثله في الصفات مع الذات بأن يكون عالما بعلم هو نفسه قادرا بقدرة هي نفسه باقيا ببقاء هو نفسه إلى غير ذلك ولا يلزم إلا كون الجميع واحدا بحسب الوجود لا بحسب المفهوم والاعتبار قال ولهم في نفي القدرة تمسكت المعتزلة في امتناع كون الباري تعالى قادرا بالقدرة بأنه لو كان كذلك لما كان قادرا على خلق الأجسام واللازم باطل وفاقا بيان الملازمة من وجهين
أحدهما أن عدم صلوح قدرة العبد لخلق الأجسام حكم مشترك لا بد له من علة مشتركة وما هي إلا كونها قدرة فلو كانت للباري أيضا قدرة لكانت كذلك
Page 78