Sharḥ Maʿānī al-Āthār
شرح معاني الآثار
Editor
محمد زهري النجار ومحمد سيد جاد الحق
Publisher
عالم الكتب
Edition
الأولى
Publication Year
1414 AH
Genres
Ḥadīth Studies
١٤٦٧ - كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ: ثنا شُعْبَةُ قَالَ: ثنا قَتَادَةُ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: " صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عُمَرَ ﵁ الصُّبْحَ فَلَمْ يَقْنُتْ فَقُلْتُ آلْكِبْرُ يَمْنَعُكَ؟ فَقَالَ: مَا أَحْفَظُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي "
١٤٦٨ - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: ثنا وَهْبٌ وَمُؤَمَّلٌ، قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ ﵄ عَنِ الْقُنُوتِ فَقَالَ: «مَا شَهِدْتُ وَمَا رَأَيْتُ» هَكَذَا فِي حَدِيثِ وَهْبٍ وَفِي حَدِيثِ مُؤَمَّلٍ «وَلَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ»
١٤٦٩ - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنِ الْأَشْعَثِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ عَنِ الْقُنُوتِ ; فَقَالَ: " وَمَا الْقُنُوتُ؟ فَقَالَ: إِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ، قَامَ يَدْعُو قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ وَإِنِّي لَأَظُنُّكُمْ مَعَاشِرَ أَهْلِ الْعِرَاقِ تَفْعَلُونَهُ "
١٤٧٠ - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: ثنا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ عَنِ الْقُنُوتِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «مَا رَأَيْتُ وَلَا عَلِمْتُ» فَوَجْهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵁ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ " رَأَى رَسُولَ اللهِ ﷺ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ قَنَتَ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٨] فَتَرَكَ لِذَلِكَ الْقُنُوتَ الَّذِي كَانَ يَقْنُتُهُ ". وَسَأَلَهُ أَبُو مِجْلَزٍ فَقَالَ: «آلْكِبْرُ يَمْنَعُكَ مِنَ الْقُنُوتِ؟» فَقَالَ: «مَا أَحْفَظُهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي» يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَيْ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوهُ بَعْدَ تَرْكِ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِيَّاهُ. وَسَأَلَهُ أَبُو الشَّعْثَاءِ عَنِ الْقُنُوتِ وَسَأَلَهُ ابْنُ عُمَرَ ﵁ عَنْ ذَلِكَ الْقُنُوتِ مَا هُوَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَامَ يَدْعُو. فَقَالَ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يَفْعَلُهُ» لِأَنَّ مَا كَانَ هُوَ عَلِمَهُ مِنْ قُنُوتِ النَّبِيِّ ﷺ إِنَّمَا كَانَ الدُّعَاءُ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَأَمَّا قَبْلَ الرُّكُوعِ فَلَمْ يَرَهُ مِنْهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِهِ. فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا رَوَيْنَا عَنْهُ، نَسْخُ قُنُوتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَنَفْيُ الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَصْلًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ، لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ وَلَا خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ. وَكَانَ أَحَدُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ الْقُنُوتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَأَخْبَرَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ بِأَنَّ مَا كَانَ يَقْنُتُ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ دُعَاءٌ عَلَى مَنْ كَانَ يَدْعُو عَلَيْهِ، وَأَنَّ اللهَ ﷿ نَسَخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ﴾ [آل عمران: ١٢٨] الْآيَةَ، فَفِي ذَلِكَ أَيْضًا وُجُوبُ تَرْكِ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ ⦗٢٤٧⦘ وَكَانَ أَحَدُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ ذَلِكَ أَيْضًا خُفَافُ بْنُ إِيمَاءٍ فَذَكَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ لَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ: «أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَغِفَارٌ غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ، اللهُمَّ الْعَنْ بَنِي لِحْيَانَ» وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ لَعَنَ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَفِي حَدِيثَيِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ أَخْبَرَاهُمَا فِي حَدِيثِهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَرَكَ ذَلِكَ حِينَ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا. فَفِي حَدِيثِهِمَا النَّسْخُ كَمَا فِي حَدِيثِ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءٍ فَهُمَا أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِيمَاءٍ، وَفِي ذَلِكَ وُجُوبُ تَرْكِ الْقُنُوتِ أَيْضًا. وَكَانَ أَحَدُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ أَيْضًا الْبَرَاءُ، فَرُوِيَ عَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ»، وَلَمْ يُخْبِرْ بِقُنُوتِهِ ذَلِكَ مَا هُوَ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقُنُوتُ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ ﵄ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَنْ رَوَى ذَلِكَ مَعَهُمَا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا وَقَدْ قَرَنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ فَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَقْنُتُ فِيهِمَا. فَفِي إِجْمَاعِ مُخَالِفِنَا لَنَا، عَلَى أَنَّ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي الْمَغْرِبِ مِنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ، لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي الْفَجْرِ أَيْضًا كَذَلِكَ. وَكَانَ أَحَدُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَيْضًا الْقُنُوتَ فِي الْفَجْرِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﵁. فَرَوَى عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ ﵁ «أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، حَتَّى فَارَقَهُ» فَأَثْبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْقُنُوتَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْسَخْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ، خِلَافُ ذَلِكَ، فَرَوَى أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ أَقَنَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقِيلَ لَهُ: قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ. فَقَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا ". وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «قَنَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَلَاثِينَ صَبَاحًا، عَلَى رَعْلٍ وَذَكْوَانَ» . وَرَوَى قَتَادَةُ عَنْهُ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ. وَرَوَى عَنْهُ حُمَيْدٌ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ إِنَّمَا قَنَتَ عِشْرِينَ يَوْمًا. فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ قَدْ أَخْبَرُوا عَنْهُ خِلَافَ مَا رَوَى عَمْرٌو عَنِ الْحَسَنِ، وَقَدْ رَوَى عَاصِمٌ عَنْهُ إِنْكَارَ الْقُنُوتِ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَصْلًا وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ شَهْرًا وَلَكِنَّ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَضَادَّ ذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَخَالَفَهُ. ⦗٢٤٨⦘ فَلَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ ﵁ بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ مِمَّا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ ﵁ لِأَنَّ لِخَصْمِهِ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَخَذَهُ عَمَّنْ بَعْدَهُ أَوْ رَأْيًا رَآهُ. فَقَدْ رَأَى غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ خِلَافَ ذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ إِلَّا بِحُجَّةٍ تُبَيِّنُ لَنَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: " كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ شَهْرًا. فَقَالَ: «مَا زَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» . قِيلَ لَهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقُنُوتُ هُوَ الْقُنُوتَ الَّذِي رَوَاهُ عَمْرٌو عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ ﵁ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ ضَادَّهُ مَا قَدْ ذَكَرْنَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقُنُوتُ هُوَ الْقُنُوتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَنَسٌ ﵁ فِي حَدِيثِ عَاصِمٍ. فَلَمْ يَثْبُتْ لَنَا عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ شَيْءٌ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ النَّسْخُ لِلْقُنُوتِ بَعْدَ الرُّكُوعِ. وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ أَحَدَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَيْضًا الْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ، فَذَلِكَ الْقُنُوتُ هُوَ دُعَاءٌ لِقَوْمٍ وَدُعَاءٌ عَلَى آخَرِينَ. وَفِي حَدِيثِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَرَكَ ذَلِكَ حِينَ أَنْزَلَ اللهُ ﷿ ﴿«لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ»﴾ [آل عمران: ١٢٨] الْآيَةَ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هَكَذَا، وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ يَقْنُتُ فِي الصُّبْحِ فَذَكَرَ مَا قَدْ
1 / 246