قال ارسطو وقول افروطاغورش من اقاويل من يرى هذا الراى ويضطرون جميعا الى ان يقولوا ان الاشياء او ان ليس شىء فانه ان كان جميع الظنون والآراء حقا فباضطرار ان يكون جميع الاشياء حقا وباطلا معا لان كثيرا من الناس يرى ويظن ضد ما يراه غيره ويرون ان الذى لا يرى ما يرون هم مغرورون فاذا مضطر ان يكون الشىء الواحد والا يكون وان كان ذلك فمضطر ان تكون جميع الظنون صادقة فان المغرورين والذين يصدقون يظنون الاضداد فان كانت الهويات على هذه الحال فسيصدقون اجمعون فهو بين ان هذه الاقاويل وما اشبهها من فكرة واحدة وليس الحيلة فى مناظرة هولاء اجمعين واحدة بل يحتاج بعضهم الى اقناع وبعضهم الى ان يضطر فى المناظرة الى الاقرار فمن كان منهم ظن هذا الظن لعسر الدرك وتحيره فيه فان لجهله شفاء لان مقاولتهم ليس تكون بتصحيح الكلام بل بتصحيح المعنى واما من قال بتصحيح الكلام فان شفاءهم بتصحيح كلام الصوت والاسماء وانما اتا هذا الظن لمن حاد عن الاشياء المحسوسة ولزمه ان يقول بالتناقض فى الاشياء وان الاضداد معا لانهم راوا ان الاضداد تكون من شىء واحد وانه ان كان ليس يمكن ان يكون الذى ليس هو فقد كان الشىء قبل ذلك مشتركا من كليهما كمثل ما قال انكساغورش ايضا ان الكل مختلط بالكل وكذلك قال ذى مقراطيس فانه قال مثل هذا القول فى الجزء الذى هو من الخلاء والملاء وان كان بعض هذه هوية وبعض ليس بهوية التفسير قوله وقول افروطاغورش من اقاويل من يرى هذا الراى يريد وافروطاغورش ممن يرى هذا الراى اعنى من يرى ان الموجبة والسالبة تصدقان معا ثم قال ويضطرون جميعا الى ان يقولوا ان الاشياء وان ليس شىء يريد ويضطر كل من قال بهذا القول ان يقول ان الاشياء موجودة والا شىء موجود ثم قال فانه ان كانت جميع الظنون والاراء حقا فباضطرار ان تكون جميع الاشياء حقا وباطلا معا يريد فان من قال ان كل ظن صادق وان الاشياء تابعة للظنون يلزمه ان تكون الاشياء حقا وباطلا معا ثم اخذ يعرف كيف يصح هذا اللزوم فقال لان كثيرا من الناس يرى ويظن ضد ما يراه غيره ويرون ان الذى لا يرى ما يرون هم مغرورون يريد وانما وجب ان تكون الاشياء حقا وباطلا ان كانت تابعة لظنون الناس من قبل ان كثيرا من الناس يظنون فى الشىء الواحد بعينه ظنونا متضادة اى يعتقد واحد فيه انه موجب وصادق ويعتقد الاخر انه سالب ويرى الذى يعتقد فيه انه موجب ان الذى يعتقد فيه انه سالب مغرور ومخطئ وكاذب وكذلك الذى يعتقد فيه انه سالب يعتقد فيه انه حق ويعتقد فيمن يعتقد انه موجب انه مغرور وكاذب ويلزم عن ذلك ان يكون الشىء الواحد بعينه حقا وباطلا معا اما حقا فمن قبل اعتقاد بعض الناس فيه انه حق واما كذبا فمن قبل اعتقاد بعض الناس فيه انه باطل وكذب ثم قال فاذا مضطر ان يكون الشىء الواحد والا يكون يريد فاذا يلزم باضطرار على هذا القول ان يكون الشىء الواحد موجودا معدوما معا اما موجود فمن قبل من يرى فيه انه موجود واما معدوم فمن قبل من يرى فيه انه معدوم وهذا يتصور وقوعه فى كل موجود اعنى ان كل شىء يعتقد فيه انسان انه موجود يمكن ان يعتقد فيه انسان اخر انه معدوم ثم قال وان كان ذلك فمضطر ان تكون جميع الظنون صادقة فان المغرورين والذين يصدقون يظنون الاضداد وان كان كل ما يظنه الانسان حقا فمضطر ان تكون جميع الظنون صادقة يريد وان كانت الموجبة والسالبة تصدقان معا فمضطر ان تكون جميع الاراء والظنون حقا فان المعتقدين شيئا والمكذبين لهم فى ذلك الاعتقاد يظنون ظنونا متضادة فان كان ما يظنه كل انسان صادقا فمضطر ان تكون الظنون كلها صادقة ثم قال وان كانت الهويات على هذه الحال فسيصدقون اجمعون يريد وان كانت الموجودات تابعة لاعتقادات الناس فسيلزم ان يكون الناس جميعا صادقين ثم قال فهو بين ان هذه الاقاويل وما اشبهها من فكرة واحدة يريد وهو بين ان الذين يرون هذا الراى فكرتهم واحدة اى اعتقادهم اعتقاد واحد ثم قال وليس الحيلة فى مناظرة هولاء واحدة يريد لا كن وان كانت فكرتهم واحدة فليس الحيلة فى مناظرتهم وصرفهم عن هذا الاعتقاد حيلة واحدة ثم قال بل يحتاج بعضهم الى اقناع وبعضهم الى ان يضطروا فى المناظرة الى الاقرار يريد ان بعضهم ينصرف عن هذا الاعتقاد بالاقاويل التى تقنعه فى حل الشبهة التى من قبلها عرض له هذا الاعتقاد الفاسد وبعضهم لا ينصرف لشريته والحيلة فى هذا هو ان يضطر الى الاعتراض ببعض ما وضع حتى يلحقه التوبيخ ويظهر عجزه وانقطاعه لان هذا لا يعترف بنطقه الداخل فمضطر الى ان نجعله منقادا قسرا بنطقه الخارج ثم قال فمن كان منهم ظن هذا الظن لعسر الادراك وتحيره فيه فان لجهله شفاء يريد ان من كان منهم ظن هذا الظن لشبهة دخلت عليه من قبل ضعف قريحته فان لمرضه من هذه الجهالة شفاء وهو ان تحل له تلك الشبهة التى ادخلت عليه هذا الفساد فى قريحته ثم قال لان مقاولتهم ليس تكون بتصحيح الكلام يريد لان معاندة هولاء ليس تكون بالتواضع على دلالة الالفاظ واستعمال الجدل معهم حتى يقهروا بل انما يصحح لهم المعنى الذى غلطوا فيه بان تحل لهم الشبهة التى عرضت لهم فى هذا المعنى ثم قال واما من قال بتصحيح الكلام فان مقاومتهم بتصحيح كلام الصوت والاسماء يريد واما السوفسطانيون الذين يزعمون ان الاشياء انما تثبت بالكلام الصحيح ويطالبوننا بتصحيح هذا المبدا فان كلامنا معهم فى هذه المسئلة يكون بان نصحح اولا معهم دلالات الاسماء فاذا اعترفوا ان للاسماء دلالات خاصة امكن ان نقاومهم ونعاندهم حتى ينقطعوا وهذا هو الذى فعله هو فى اول هذا القول وهو الذى اراد بقوله ونبدأهم اولا بتصحيح دلالات الصوت والاسماء ثم قال وانما اتا هذا الظن لمن حاد عن المحسوسات يريد وانما اعتقد هذا القول من انقاد الى الكلام ولم يعتبر موافقة القول لما يظهر بالحس ثم قال ولزمه التناقض فى الاشياء وان الاضداد معا يريد ومن قال بهذا المذهب ولم يلتفت الى الحواس لزمه التناقض فى الاشياء وان يعتقد ان الاضداد توجد معا ثم ذكر ما حرك بعض الناس الى ان يعتقدوا ان الاضداد توجد معا فقال لانهم راوا ان الاضداد تكون من شىء واحد وانه ان كان ليس يمكن ان يكون الذى ليس هو فقد كان الشىء قبل ذلك مشتركا من كليهما يريد وانما صار كثير من القدماء الى هذا الراى لانهم راوا ان الاضداد تكون من شىء واحد واعتقدوا مع هذا ان الكون لا يكون من غير شىء موجود اى من العدم فقالوا ان الاضداد معا موجودة فى شىء واحد بعينه وهو الذى منه يتكون وهو الذى دل عليه بقوله فقد كان الشىء قبل ذلك مشتركا من كليهما يريد فقد كان الشىء الذى منه الكون مركبا من كليهما اى من وجود وعدم ثم قال كمثل ما قال انكساغورش ان الكل مختلط بالكل يريد ولمكان هذا الراى قال انكساغورش ان الاجزاء المتشابهة التى هى عنده الاسطقسات مختلطة بالكل اى ان كلها مختلطة بكلها ثم قال وكذلك قال ذيمقراطيس فانه قال مثل هذا القول فى الجزء الذى من الخلاء والملاء وان كان بعض هذه هوية وبعض ليس بهوية يريد وقريب من هذا هو قول ذيمقراطيس فى قوله بالجزء الذى لا يتجزا الذى هو عنده من الخلاء والملاء فى اختلاط الخلاء بالملاء وان كان يرى ان احدهما هوية وهو الملاء والاخر ليس بهوية وهو الخلاء
[20] Textus/Commentum
Page 409