Sharḥ Lumʿat al-Iʿtiqād li-Khālid al-Muṣliḥ
شرح لمعة الاعتقاد لخالد المصلح
Genres
عقيدة أهل السنة أن الجنة والنار مخلوقتان
يقول المؤلف ﵀: (مخلوقتان)، أي: الآن، وهذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، وأجمع عليه سلف الأمة، ودل عليه الكتاب والسنة؛ ففي القرآن يقول الله ﷿ عن الجنة: ﴿أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران:١٣٣]، ويقول عن النار: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة:٢٤]، ويقول: ﴿إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا﴾ [النبأ:٢١]، ولا يكون هذا إلا فيما أعد ووجد.
وأما الأحاديث فهي أكثر من أن تحصى، ومن أبرزها ما رواه الإمام مسلم عن النبي ﷺ قال: (لما خلق الله الجنة والنار، قال لجبريل: اذهب فانظر إلى الجنة وما أعددت لأهلها فيها، فيأتي إلى الجنة فينظر إليها فيقول: يا رب! لا يسمع بها أحد إلا دخلها، ثم توضع المكاره حول الجنة فيقول الله ﷿: اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها، فينظر فيأتي فيقول: إني خشيت ألا يدخلها أحد لما حفت به من المكاره، ثم يرسله الله إلى النار لينظر إليها وإلى ما أعد لأهلها فيها، فيقول جبريل ﵇ للرب جل وعلا: إنه لا يسمع بها أحد فيدخلها، فتحف بالشهوات، فيأتي إليها فينظر إليها فيقول: إني خشيت ألا ينجو منها أحد لما حفت به من الشهوات) .
الشاهد في هذا الحديث: قول النبي ﷺ: (لما خلق الله الجنة والنار)، فالجنة وما أعده الله لأهلها موجود، والأدلة على هذا في السنة أكثر من أن تحصى، منها ما رواه أنس وعائشة وابن عباس في الصحيح من قول النبي ﷺ في صلاة الخسوف: (رأيت في مقامي هذا الجنة والنار، وهَمَّ النبي ﷺ أن يتناول قطفًا من الجنة، ولما رأى النار يحطم بعضها بعضًا تأخر)، فالأدلة على وجود الجنة والنار في الكتاب والسنة كثيرة، وهذا مما أجمع عليه أهل الإسلام.
أما أهل الاعتزال الذين بلاهم الله بمحاكمة النصوص إلى عقولهم فقد قالوا: ما فائدة وجود الجنة والنار الآن؟ لا فائدة، ووجودها الآن عبث، والله منزه عن العبث، وعليه فالجنة والنار ليستا موجودتين، فنفوا وجود الجنة والنار، وقالوا: يخلقهما الله عند الحاجة إليهما، وكذبوا بذلك النصوص الدالة على وجود الجنة والنار، لكن هذا التكذيب هل معهم فيه نص؟ هل لهم فيه بينة؟
الجواب
لا، إنما معهم عقول كليلة وبصائر حسيرة حكموا بها على النصوص، فأبطلوا ما دلت عليه من وجود الجنة والنار، وما ذكره المؤلف ﵀ من الأدلة على أن الجنة والنار مخلوقتان واضحة وظاهرة يدركها كل من قرأ كتاب الله ﷿، أو سمع ما صح عن النبي ﷺ في ذلك.
14 / 10