Sharḥ Lumʿat al-Iʿtiqād liʾl-Maḥmūd
شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
Genres
خلق الله ﷿ لكل شيء ومنها أفعال العباد
قال المصنف: [خلق الخلق وأفعالهم] .
وهذه هي المرتبة الرابعة من مراتب القدر، وهي مرتبة الخلق: أي أن الله ﷾ خالق كل شيء، كما قال تعالى في أكثر من آية: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ فالله ﷾ خالق لجميع هذه المخلوقات، ولا شريك له ﷾ في خلقه، ويدخل في ذلك أفعال العباد، فالله خالق العباد وأفعال العباد.
وبذلك يرد على المعتزلة الذين يستثنون من خلقه أفعال العباد، فيقولون: العباد هم الذين يخلقون أفعالهم، والله لا يخلق أفعال العباد، ومن ثمَّ ضل المعتزلة في باب القدر حين أنكروا مرتبة الخلق بالنسبة لأفعال العباد، وأنكروا مرتبة الإرادة، وجعلوا للعبد إرادة مستقلة، حتى قالوا: إذا اختلفت إرادة الله وإرادة العبد فالتي تقع هي إرادة العبد! فقول المصنف: (خلق الخلق وأفعالهم)، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة هو ﷾ خالق أفعال العباد، كما قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات:٩٦]، وكما قال تعالى: ﴿اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الزمر:٦٢]، فيدخل في ذلك أفعال العباد.
وبهذا يكون المصنف قد أشار إلى مراتب القدر الأربع التي عليها مدار القدر، وكلها مرتبطة بقضية الربوبية، فأولها: علم الله المحيط بكل شيء، ثم مشيئته الشاملة التي لا يخرج عنها أحد، ثم إنه تعالى كتب ما هو كائن في اللوح المحفوظ، ثم إن الله ﷾ خالق الخلق جميعًا، ومن ذلك أفعال العباد.
وهذا هو الذي يؤمن به أهل السنة والجماعة ويقررونه، ويقولون: إن مقتضى وجود الإيمان بالقضاء والقدر في مثل قول النبي ﷺ في حديث جبريل: (وتؤمن بالقدر خيره وشره)، الإيمان بهذه المراتب الأربع.
9 / 7