أصل الخذلان
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأصل ذلك عدم الرغبة والرهبة].
أي: كأن الستة الأمور التي ذكرناها هي الفروع، وهنا الأصل، فالأصل في العبادة أن يكون عند المؤمن رغبة ورهبة، أي: خوف ورجاء، ويكونان له كالجناحين للطائر، مثل سيدنا عمر عندما قال: لو نادى مناد: كل الناس في الجنة إلا واحدًا، لخشيت أن أكون هذا الواحد، ولو نادى مناد: كل الناس في النار إلا واحدًا، لرجوت من الله أن أكون هذا الواحد.
إذًا: مسألة الخوف والرجاء مهمة جدًا، لكن بلا خوف يوصل إلى القنوط، ولا رجاء يوصل إلى الأمن والأمان، ولكن نخاف أحيانًا ونرجو أحيانًا.
ولذلك الحديث عن الرجاء يكون للمذنبين، والحديث عن الخوف يكون للمؤمنين الذين سلكوا الطريق؛ لأن الذي سلك الطريق الصحيح مضمون، فنحدثه عن الخوف من الله، مثل الذي يحب ابنه والابن مطيع، فيبدأ يبعثه إلى مهمات حتى يعلمه، وأما الابن صاحب اللسان البذيء، فلا يهتم به، وسيحرجه أمام إخوانه.
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأصله ضعف اليقين].
واليقين هو القرب من الله ﷿.
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأصله ضعف البصيرة].
أي: أصل اليقين ضعف البصيرة، وهذا من قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحج:٤٦].
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأصله مهانة النفس ودناءتها].
أي: النفس التي تتمسك بالدنيا.
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير].
أي: أنها راضية بالدنيا مع أن الآخرة كما قال تعالى: ﴿وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ [الأعلى:١٧].
15 / 20