سجن الروح
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإذا أشبعه ونعمه ونومه واشتغل بخدمته وراحته أخلد البدن إلى الموضع الذي خلق منه فانجذبت الروح معه فصارت في السجن].
أي إذا أشبع البدن وأكرمه ونومه، واشتغل بخدمته؛ انسجنت الروح داخل البدن، والعياذ بالله رب العالمين، اللهم فك أسر كل أسير يا رب العالمين.
إذًا: فالروح تكون محبوسة داخل البدن؛ لأن البدن صارت له قوة وسطوة.
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [فلولا أنها ألفت السجن لاستغاثت من ألم مفارقتها وانقطاعها عن عالمها الذي خلقت منه، كما يستغيث المعذب].
أي: المسجون من شدة الألم يصرخ ويقول: يا ناس! ائتوني بالنيابة، ائتوني بالمأمور، ائتوني بالمحكمة، يصرخ؛ لأنه محبوس، فالروح كذلك، فإذا لم تحدثها بشكل دائم، لاستغاثت، لكن قد استمرأت السجن وهي غير قادرة على الفكاك منه.
مثل الذي يقول لك: يا شيخ! أنا لا أشعر بأي تغير بعد الصلاة، فقبل الصلاة وبعدها عندي سواء.
فهذا دليل على أن هناك عتمة، بل لابد أن يكون هناك نور للإنسان بعد الصلاة، ولابد أن يختلف حاله بعد درس العلم عن حاله قبله، ولا بد أن يكون بعد صلاة الجمعة مختلفًا عن حاله قبلها، ولا بد أن يكون حاله بعد الحج مغايرًا لحاله قبله، وكذا لا بد أن يكون بعد رمضان مختلفًا عن حاله قبله.
فالحالة الإيمانية إذا لم تكن في ازدياد فهي في نقصان، فقيل لـ ابن القيم رضوان الله عليه: متى العيد؟! فقال: يوم العيد يوم هو الذي لا نعصي فيه رب العبيد.
ثم قال المصنف رحمه الله تعالى: [وبالجملة فكلما خف البدن لطفت الروح وخفت].
إذًا: فهي مرتبطة بالبدن، والذي يعطل الأمور هو البدن، فإذا خففت البدن، فستأكل قليلًا، وستنام قليلًا، وستعبد كثيرًا، وستفرح كثيرًا، وإذا أكلت كثيرًا، فستنام كثيرًا، وستعبد قليلًا، وستندم طويلًا.
أبو حنيفة عندما قيل له: يا أبا حنيفة! في كم تختم القرآن؟ فقال لهم: أتقصدون في الصلاة أم في غير الصلاة؟ فقالوا: في الصلاة؟ فقال: في صلاة الليل أم في صلاة النهار؟!
15 / 12