130

Sharḥ kitāb al-Fawāʾid

شرح كتاب الفوائد

Genres

هدم الكبر والحسد والغضب والشهوة
فهدم الكبر يسهل الانقياد، فلو انهدم ركن الكبر يحصل الانقياد، فعندما ينصحه ناصح ينتصح ويسمع له، وهدم ركن الحسد يسهل عليه قبول النصح، والحسد له علاج، وقد قسمنا الحاسد إلى نوعين: حاسد يحسد وهو لا يعرف أنه يحسد، وحاسد يحسد وهو يعرف أنه يحسد، وكلا الصفتين شؤم، فهناك أناس يحسدون وهم لا يعلمون أنهم يحسدون، فالحاسد الذي يحسد وهو لا يعرف أنه يحسد، علاجه: أن المحسود إذا قرأ المعوذتين وقاه الله من شر الحسود.
أما الثاني: الذي يحسد وهو يعلم أنه حسود فخطره أعظم؛ ولذلك قالوا: ما يحسد المال إلا أصحابه.
يحكى أن رجلًا زار أمه فوجد المربية في السطح لديها قطيع من الأرانب البيضاء الضخمة، فقال: يا أولاد كل هذه الأرانب عندكم! وهو يأكل منها، وتحلف المرأة أنه مجرد ما أن نزل من السطح إذا بالأرانب تقفز في الهواء وتسقط ميتة.
وجاءني رجل فقال: لقد وصل بي الأمر إلى أن أحسد أولادي، فقلت له: وكيف ذلك؟! قال: جاء الولد بالشهادة وكان الأول، فقلت له: هل تستحق أن تكون الأول؟ قال: والله يا أبتي! أنني ذاكرت واجتهدت، قال: فأحسست أنني حسدت الولد، فجاء الولد بعد شهرين راسبًا، فقلت: ما الذي حصل يا بني! قال: والله يا أبتي! هناك شخص قد حسدني، وهكذا أنطقه الله سبحانه.
وكان هناك من العرب من يؤتى به من أجل أن يحسد والعياذ بالله، فثبت في كتب العرب أن هناك شخصًا مهنته الحسد، فقال له شخص: أعطيك عشرة دنانير وتحسد لي ناقة فلان، فقال: نعم، فقط أشر إليها، فقال له: ها هي مع صاحبها، قال له: أين؟ قال: هناك تحت تلك الشجرة، فقال الحاسد: أتستطيع أن تنظر إلى الشجرة؟ ففقد الرجل بصره مباشرة.
فعلاج هذا النوع من الحسد: أن الحاسد إذا نظر إلى شيء يقول: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله.
إذًا: الحسد إذا انهدم ركنه سهل عليه قبول النصح وبذله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإذا انهدم ركن الغضب سهل عليه العدل والتواضع].
ولا يبقى ظالم؛ لأن ركن الغضب ليس موجودًا.
قال: [وإذا انهدم ركن الشهوة سهل عليه الصبر والعفاف والعبادة]؛ لأن الذي يضيع الناس هي الشهوات، قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾ [آل عمران:١٤].
قال: [وزوال الجبال عن أماكنها أيسر من زوال هذه الأربعة] يعني: ليست سهلة، فالمتكبر كيف يكون متواضعًا؟ وسريع الغضب كيف يكون هادئًا؟ والحسود كيف يكون مؤمنًا وقانعًا؟ والذي عنده شهوات كيف يزيل الشهوات؟ قال: [ولاسيما إذا صارت هيئات راسخة وملكات وصفات ثابتة].
أي: صفة هذا الرجل الكبر وصفة هذا الحسد، وصفة هذا الغضب وصفة هذا الشهوة والعياذ بالله.
قال: [فلا تزكو نفسه مع قيامه بها، وكلما اجتهد في العمل أفسدته عليه هذه الأربعة، طبعًا، وكل الآفات متولدة منها].

14 / 8