Your recent searches will show up here
ومنهم من ذهب إلى أن فاعلهما لعمومه أغنى عن الضمير، ألا ترى أنه يراد به الجنس. ولقائل أن يقول: وما الدليل على ذلك؟ أعني على أنه يراد به الجنس فالجواب: إن الذي يدل على ذلك شيئان: أحدهما التزامهم في الفاعل الألف واللام أو الإضافة إلى ما فيه الألف واللام أو أن يكون مضمرا يفسره اسم الجنس، فلولا أنه يراد به اسم الجنس لما التزمت فيه الألف واللام الدالة على الجنس أو ما هو بمنزلتهما. والآخر: إنه يجوز في فصيح كلام العرب: نعم المرأة ونعمت المرأة، بإلحاق العلامة وحذفها، ولا يجوز: قام المرأة، إلا شذوذا نحو ما حكي من كلامهم: قال فلانة، فلولا أنه بمعنى الجنس لما ساغ ذلك. فيكون إذ ذاك بمنزلة: قال النساء، وقالت النساء ، (في أنه حمل) تارة على معنى جمع ولم تلحق العلامة وتارة على معنى الجماعة فلحقت العلامة، فلا وجه لقول من قال: إن الذي سوغ ذلك في نعم وبئس كونهما لا يتصرفان لأن ليس لا يتصرف ولا يجوز: ليس المرأة، فإن قيل: فكيف أسند فعل المدح والذم وهما نعم وبئس إلى الجنس وإنما الممدوح بعضهم وهو الاسم الذي تأتي به تبيينا لفاعلهما؟
فالجواب: إن الذي يتصور في ذلك وجهان: أحدهما أن تريد الجنس حقيقة وكأنك قلت: زيد نعم جنسه الذي هو الرجال، فإذا أثنيت على جنسه انجر له الثناء معهم، والآخر: أن تجعل الممدوح هو جميع الجنس كله مبالغة، فإذا قلت: زيد نعم الرجل، فكأنك قلت: زيد نعم زيد الذي هو من جنس الرجال. والعرب قد تجعل المفرد بمنزلة الجنس كله مبالغة في المدح، من كلامهم: أكلت شاة كل شاة فجعل الشاة المأكولة هي جميع الشاة مبالغة، ومنه قولهم: كل الصيد في جوف الفرا فجعل الفرا الذي هو حمار الوحش لجلالته بمنزلة جنس للصيد. وقد صرح المتنبي بهذا المعنى فقال:
وليس لله بمستنكر
Page 67