281

وتحرزت بقولي: ولم يكن كالجزء منه، من السين وسوف وقد ولام التعريف. ألا ترى أن اللام تنفرد بها الأسماء ولا تعمل مع ذلك فيها لأنها تنزلت منزلة الجزء منها، ولذلك لم يعتد بها فاصلة بين العامل في الاسم وبين الاسم في نحو: مررت بالرجل، فلولا أنها كالجزء من الاسم لم يجز الفصل بها بين حرف الجر والمجرور. وكذلك قد والسين وسوف، تنزلت من الفعل منزلة حرف من حروفه بدليل دخول اللام عليها، قال الله تعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى } (الضحى: 5). فلولا أنها بمنزلة حرف من حروف الفعل لما جاز الفصل بها بين اللام والفعل بأن وأخواتها. وحروف الجر إنما عملت في الأسماء لانفرادها بها، والنواصب والجوازم إنما عملت في الأفعال لانفرادها بها، وما لم ينفرد نحو همزة الاستفهام وما أشبهها فإنه غير عامل.

و«ما» لم تختص، فكان القياس فيها أن لا تعمل، إلا أنها لما كان لها شبهان: شبه عام وشبه خاص عملت.

فشبهها العام شبهها بالحروف غير المختصة في كونها تليها الأسماء والأفعال وشبهها الخاص شبهها بليس، وذلك أنها للنفي كما أن ليس كذلك، وداخلة على المبتدأ والخبر كما أن ليس كذلك، وتخلص الفعل المحتمل للحال كما أن «ليس» كذلك، تقول: ما زيد يقوم، فيكون المعنى على الحال، وكذلك ليس زيد يقوم، فمن راعى فيها الشبه العام لم يعملها وهم بنو تميم، ومن راعى شبهها الخاص أعملها وهم الحجازيون، وذلك بشروط.

منها أن لا يقع بعدها إن نحو قولك: ما إن زيد قائم، فإن وقعت بعدها إن بطل عملها نحو قول الشاعر:

فما إن طبنا جبن ولكن

منايانا ودولة آخرينا

ومنها أن لا يدخل على الخبر حرف يقتضي الإيجاب نحو: ما زيد إلا قائم. ومنها أن لا يتقدم خبرها على اسمها ما لم يكن ظرفا أو مجرورا، فإن كان ظرفا أو مجرورا ففيه خلاف بين النحويين، وسيبين إن شاء الله تعالى، فأما قول الشاعر:

Page 57