278

فصل وأفعل به في معنى ما أفعله، ولا يجوز بناؤه إلا فيما بني منه ما أفعله. واختلف في المجرور، فمنهم من جعله في موضع رفع. ومنهم من جعله في موضع نصب، فالذي جعله في موضع رفع استدل على ذلك بأن أفعل فعل والفعل لا بد له من فاعل ولا فاعل ملفوظ به ولا مقدر، إذ لو كان مضمرر لبرز في بعض الأحوال فدل ذلك على أن المجرور فاعل والباء زائدة.

فإن قيل: لو كانت زائدة لم تلزم كما لم تلزم في مثل: {كفى بالله شهيدا} (الرعد: 43). فالجواب: إن الباء لزمت هنا إصلاحا للفظ، وذلك أن فعل الأمر بغير لام لا يكون فاعله مظهرا إلا في هذا الباب، فدخلت الباء حتى يصير في اللفظ كأنه مفعول، فإن قيل: فلأي شيء جاء فاعله مظهرا وهو أمر فالجواب: إنه إنما جاء ذلك لأنه ليس بأمر صحيح، ألا ترى أن معناه التعجب، ونظير ذلك في أن اللفظ لفظ الأمر والمعنى على غير ذلك قول الله تبارك وتعالى: {قل من كان فى الضللة فليمدد له الرحمن مدا} (مريم: 75). فمعناه: فيمد. وهذا الأمر من أفعل الذي معناه صار ذا كذا نحو: أبقلت الأرض، أي صارت ذات بقل، وأجنى الشجر، صار ذا جنى، ودليل ذلك أن همزته همزة قطع، ولو كان من فعل ثلاثي لكانت همزته همزة وصل.

ومنهم من جعل فاعله مضمرا وجعل المجرور في موضع مفعول. وهؤلاء اختلفوا فمنهم من جعل الضمير يعود على الحسن كأنه قال: أحسن يا حسن زيدا، ولذلك كان مفردا على كل حال.

Page 54