Sharḥ Iḥqāq al-Ḥaqq
شرح إحقاق الحق
Editor
تعليق : السيد شهاب الدين المرعشي النجفي / تصحيح : السيد إبراهيم الميانجي
العقل بنهي الرب تعالى عنها وذمه لها وإخباره ببغضها وبغض فاعلها، كما أن العدل والصدق والتوحيد ومقابلة نعم المنعم بالثناء والشكر حسن في نفسه، وازداد حسنا إلى حسنه بأمر الرب به وثنائه على فاعله وإخباره بإرادة ذلك ومحبة فاعله، بل من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وآله أنه يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث (1)، فلو كان كونه معروفا ومنكرا وطيبا و خبيثا إنما هو لتعلق الأمر والنهي والحل والتحريم به، لكان بمنزلة أن يقال:
يأمرهم بما يأمرهم به وينهاهم عما ينهاهم عنه، ويحل لهم ما يحله، ويحرم عليهم ما يحرمه، وأي فائدة في هذا؟ وأي علم يبقى فيه لنبوته؟ وكلام الله تعالى يصان عن ذلك وأن يظن به مثله، وإنما المدح والثناء والعلم الدال على نبوته أن ما يأمر به تشهد العقول الصحيحة بحسنه وكونه معروفا، وما ينهى عنه تشهد بقبحه وكونه منكرا، وما يحله تشهد بكونه طيبا، وما يحرم تشهد بكونه خبيثا، وهذه دعوة الرسل، وهي بخلاف دعوة المبطلين والكاذبين والسحرة، فإنهم يدعون إلى ما يوافق أهواءهم وأغراضهم من كل قبيح ومنكر وبغي وظلم. ولهذا قيل لبعض الأعراب وقد أسلم، لما عرف دعوته صلى الله عليه وآله: عن أي شئ أسلمت وما رأيت منه مما دلك على أنه رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: ما أمر بشئ فقال العقل: ليته نهى عنه، ولا نهى عن شئ فقال العقل: ليته أمر به، ولا أحل شيئا فقال العقل ليته حرمه، ولا حرم شيئا فقال العقل: ليته أباحه، فانظر إلى هذا الأعرابي (2) وصحة عقله وفطرته وقوة إيمانه واستدلاله على صحة دعوة النبي صلى الله عليه وآله بمطابقة أمره لكل ما هو حسن في العقل ومطابقة نهيه لما هو قبيح في العقل، وكذلك مطابقة تحليله <div>____________________
<div class="explanation"> (1) اقتباس من قوله تعالى في سورة الأعراف. الآية 157 (2) الأعرابي: من سكن البادية كان من العرب أو غيره، وقد مر الفرق سابقا بين الأعرابي والعرب فليراجع.</div>
Page 350