Sharh Hadith Nuzul
شرح حديث النزول
Publisher
المكتب الإسلامي،بيروت
Edition Number
الخامسة
Publication Year
١٣٩٧هـ/١٩٧٧م
Publisher Location
لبنان
﵄ في تفسير هذه الأسماء، وحديث [الإدلاء] ما قد بسطنا القول عليه في [مسألة الإحاطة] .
وكذلك هذا الحديث ذكره قتادة في تفسيره، وهو يبين أنه ليس معنى الباطن أنه القرب، ولا لفظ الباطن يدل على ذلك، ولا لفظ القرب في الكتاب والسنة على جهة العموم كلفظ المعية، ولا لفظ القرب في اللغة والقرآن كلفظ المعية؛ فإنه إذا قال: هذا مع هذا؛ فإنه يعنى به المجامعة والمقارنة والمصاحبة، ولا يدل على قرب إحدى الذاتين من الأخرى، ولا اختلاطها بها؛ فلهذا كان إذا قيل: هو معهم، دل على أن علمه وقدرته وسلطانه محيط بهم، وهو مع ذلك فوق عرشه، كما أخبر القرآن والسنة بهذا. وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ﴾ [الحديد: ٤] فأخبر سبحانه أنه مع علوه على عرشه يعلم كل شيء، فلا يمنعه علوه عن العلم بجميع الأشياء.
وكذلك في حديث [الأوعال] [جمع الوَعْل، وهو تيْس الجبل] الذي في [السنن] قال النبي ﷺ: " والله فوق عرشه ويعلم ما أنتم عليه "، ولم يأت في لفظ القرب مثل ذلك أنه قال: هو فوق عرشه وهو قريب من كل شيء، بل قال: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: ٥٦] وقال: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦]، وقال النبي ﷺ: " إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إن الذي تدعونه سميع قريب ".
قال ابن أبي حاتم: ثنا أبي، ثنا يحيى بن المغيرة، ثنا جرير، عن عبدة بن أبي بَرْزَةَ السجستاني، عن الصلت بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يارسول الله، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فسكت النبي ﷺ؛ فأنزل الله
1 / 129