الشرح: وجه ذكر هذا الفصل هاهنا أنه أوجب الاستفراغ تارة في الصيف وتارة في الشتاء، ولمنكر أن ينكر ذلك لأن كلا الفصلين مفرطا الكيفية، أما الصيف فمفرط الحر، وأما الشتاء فمفرط البرد، والإفراط في كليهما مانع من الاستفراغ، فكان ينبغي أن يكون ذلك في الربيع أو في الخريف. وجوابه: إن ما (172) إنما هو وقت الاختيار ولا شك أن الأمر كذلك، وأما إذا دعت الضرورة إلى الاستفراغ وجب استعماله في أي وقت كان؛ والدليل على ذلك أن الاستفراغ B في أول المرض لا شك أنه ردئ، لأن الطبيعة تكون في ذلك الوقت قد قهرها المرض ولولا ذلك لم يحصل. وأكثر الأدوية إنما تفعل بقهر الطبيعة، واجتماع قاهرين على الطبيعة لا شك أنه ردئ، ولأمور أخرى قد بيناها فيما تقدم. ومع ذلك فإذا كان المرض حادا مهياجا وجب الاستفراغ في أول يوم ولا يبالي بما يوجبه ذلك من الضرر، فكذلك في الصيف والشتاء، وقد حققنا الكلام في هذا في المقالة الأولى، فلنرجع إلى الكلام فيه هناك. وظهر بما ذكرنا أن لذكر هذا في هذا الموضع فائدة ولا يكون تكرارا محضا، لأن الحكم قد يذكر تارة على أنه مسألة، وتارة على أنه مقدمة في برهان، ولا يقال أن ذلك تكرارا وخصوصا إذا بعد الموضع المذكور فيه مقدمة من الموضع المذكور فيه مسألة، أما لو كان تاليه لحسن حذفه وذكر المقدمات الأخر لأن A النفس تكون ذاكرة له.
Page 176