126

Sharh Fusul Abuqrat

شرح فصول أبقراط

الشرح: قوله: فإذا تجاوز الصبي هذا السن. أشار بهذا السن المتقدم، وهو سن الصبي، كأنه قال: فإذا تجاوز الصبي سن الصبى، فيكون ذلك هو سن الترعرع، وهو بعد الشدة ونبات الأسنان قبل المراهقة. قال: عرض لهم ورم الحلق. وذلك لرطوبة أمزجتهم وخصوصا A أدمغتهم، وسيلان الرطوبات بسبب قوة الحرارة في هذا السن. وأيضا دخول خرزة القفا؛ بسبب رطوبة المكان واستعداد الخرزات للزلق بسببها، ولجذب الرباطات لها، ولأجل تمددها إلى قدام بسبب ورم الحلق. وهاهنا سؤال أورده جالينوس، وهو: إنه لما جعل ورم الحلق ودخول خرزة القفا من أمراض هذا السن، مع أن رطوبة الدماغ واستعداد الخرز للزلق وضعف الحلق في السن الذي قبله أكثر؟ وأجاب عنه بجوابين: أحدهما: إن أولئك لضعفهم، يعرض لهم الموت قبل عظم الورم في حلوقهم. وثانيهما: إن الرباطات في ذلك السن تكون لينة جدا، فلا يحصل من تمددها الورم فلن يجذب (168) الخرز. وأقول:الجواب الأول خاص بالورم، والثاني خاص بميل الخرزة. وأقول: يمكن أن نجيب جوابا يشملهما معا، وهو أن الحرارة تكون في سن الصبى ضعيفة، فلا يسيل من الرطوبات وإن كانت كثيرة ما Bيورم ولا ما يزلق الفقر. وأيضا الربو وهو ضيق في النفس وتواتر يشبه نفس المتعب، وسببه كثرة سيلان الرطوبات من أدمغتهم إلى رئاتهم فتضيق مجاريها، فيقل ما يصل إلى القلب من التنفس، فيحوج إلى تكراره لتقوم المرار مقام المرة الواحدة العظيمة. والسؤال المذكور وارد، وجوابه قد عرفته. وأيضا الحصا؛ لكثرة البلغم الغليظ اللزج فيهم، مع قوة حرارتهم. والحصا على قسمين: حصاة المثانة، ولونها بين الرمادية والصفرة. وحصاة الكلية، ولونها أحمر. والمثانية تكثر بالصبيان والشبان لأن قواهم تقوى على دفع موادهم إلى أسافل الأعضاء، والكلوية بالمشايخ لأن أخلاطهم أغلظ فيقل نفوذها وقواهم أضعف. وأكثر من به حصاة الكلى سمين، وأكثر من به حصاة المثانة نحيف. والسبب المادي لتكون الحصا هو البلغم الغليظ اللزج، وقد يتكون عن مدة أو دم، وهما نادران. A أما السبب الفاعل فحرارة قوية محجرة. وأيضا الحيات والدود والبلغم يكثر فيهم، فيعرض له إذا عفن أن يحصل له مزاج يستحق به حياة دودية، فيفيضها عليه الجود الإلهي، ونسبة الدود المتولد في بدن الإنسان إليه كنسبة الحشرات التي في هذا العالم إليه، ولا يخلو من نفع لأنها متولدة من مادة رديئة عفنة، ويجب ان يكون لها لا محالة غذاء شبيه بها، فكما أن بتلك الحشرات يخلص هواء العالم من تلك المادة الفاسدة باغتذائها بها إذ لولا ذلك لفسد الهواء لمجاورتها وباء عام. كذلك الدود المتولد في بدن الإنسان يغتذي بما بقى عنده من المادة العفنة ، فينقي البدن منها، اللهم إلا إن كثر ذلك فيكون كما لو كثرت الحشرات في العالم. وأصناف الدود أربعة: أحدها: المتولدة في أعالي الأمعاء، وهي طوال كبار قد تبلغ قدر الذراع، وتسمى الحيات؛ وسبب B عظمها أن مادتها التي هي البلغم لم تتفرق بعد بجذب الكبد ولا بعفونة الثفل. وثانيها: المتولدة في المستقيم، وهي صغار كدود الخل لضدد ذلك، ولإخراج الثفل مادتها. وثالثها: المتولدة في قولن والأعور، وهي عراض تسمى حب الفرع. ورابعها: المستديرة، ومادتها (169) بين المادتين. وأيضا الثآليل المتعلقة، وهي ثآليل طوال تكون في الأكثر أسفلها دقيقا وذلك لكثرة البلغم فيهم، فيتلف (170) ويصير كالسواد. وأيضا الخنازير؛ ويريد بذلك البلغمية، والفرق بين الخنازير وبين غيرها من الأورام أن الخنازير متشبثة بظاهرها فقط بالأعضاء ، وأكثر حدوثها في النغانغ وعند اللحيين لكثرة سيلان الرطوبات الغليظة من أدمغتهم. وأيضا يعرض لهم سائر الخراجات، لقوة قواهم، وكثرة رطوباتهم، فتدفعها الطبيعة إلى ناحية الجلد.

[aphorism]

Page 161