228

البحث الثاني:

المراد بالصمم عند الأطباء هو أن يكون باطن الأذن عديم التجويف ومثل هذا لا برء له البتة، والوقر هو بطلان السمع الحادث، والطرش هو نقصانه. وإذا كان كذلك فليس المراد بالصمم الصمم المشهور، فإن هذا (364) لا برء له بل المراد به نقصان السمع، وذلك لارتقاء المواد الصفراوية إلى جهة الدماغ. فإنها متى ارتفعت إلى جهة أضرت بالسمع من وجوه ثالاثة: أحدها من جهة إضرارها بالدماغ فتشتغل القوى الدماغية بها عن تنفيذ القوة السامعة إلى جهة السماخ؛ وثانيها أن الصفراء وإن كانت لطيفة فلها قوام، فإذا مالت إلى جهة الدماغ سدت منافذه ومنافذ ما ينبت منه، وعند ذلك يتعذر على القوة السامعة النفوذ؛ وثالثها أنها بقوامها يغلظ قوام الروح، وعند ذلك لم يكن نفوذها في مسالكها كنفوذها (365) إذا كانت خالية من ذلك فمن كان به اختلاف مرار أي إسهال مراري ثم PageVW5P033A حصل له صمم دل (366) على ما ذكرنا للإسهال إلى جهة الأعالي ثم أنها توجب ذلك على ميل المادة الموجبة ومن كان به صمم ثم حصل له إسهال مراري، فإن المواد التي ارتفعت إلى جهة العلو وأوجبت ذلك مالت إلى أسفل على طريق الاستتباع ويكون هذا القدر موجبا لزوال الصمم.

البحث الثالث:

إنما قال «فحدث به اختلاف» ولم يقل «وحدث به» لأن الفاء تفيد تقييد كون الحادث عقيب الأول وأنه ليس بينهما تراخ، وإنما يكون هذا إذا كان الصمم ليس بقديم، وإلا لم يصدق أن يقال إن الاختلاف نافع منه لتمكن سببه من الصماخ، فلو قال «وحدث به اختلاف» كان ذلك مشعرا بتقدم الصمم وتأخر الإسهال عنه، وقد علمت ما في هذا. فإن قيل هاهنا سؤال وهو أنه لم خصص ذلك بالصمم فإنه إذا كان نفع الإسهال منه باتجاه المادة المذكورة إلى جهة المخالفة فلم لا ذكر عوضه الرمد أو الصداع (367) أو غير ذلك من الألم الرأس، فنقول: الجواب عن هذا أنه ذكر هذا المرض على سبيل المثال وعليه يقيس كلما يعرض في الرأس، ونقول إن نفع الإسهال المراري في الصمم أكثر من نفعه في غيره، وذلك لأن عادة الطبيعة أن تنفذ مع ما يصل إليه من الغذاء مقدار (368) ما من الصفراء لأجل التنفيذ ثم يندفع هذا القدر من الصفراء إلى جهة الأذن، والدليل على ذلك أن الوسخ المجتمع في مجراها الذي هو فصلة بمدائها لونه أصفر طعمه مر وصار حال الأذن كذلك، لأنها لما كان مجراها مفتوحا وكانت الدباب وغيرها من الحيوانات دخولها فيه سهل فإذا دخل فيه شيء من ذلك قتله إن أكله أو طلب الخروج والهروب إن لم يأكله بل شم رائحته إذا عرفت هذا، فنقول: إذا مال إلى جهة الدماغ مادة صفراوية كان ميلها إلى هذه الجهة أكثر من ميلها إلى غيرها فيكون ضررها به PageVW5P033B أكثر من ضررها بغيرها فإذا مالت إلى أسفل مال ما مال إليها إلى جهة السفل وزال ما حصل منه.

29

[aphorism]

قال أبقراط: من أصابه في الحمى في اليوم السادس من مرضه نافض فإن بحرانه يكون نكدا. (369)

[commentary]

الشرح هاهنا بحثان.

البحث الأول

Unknown page