Sharh Fusul Abuqrat
شرح فصول أبقراط
Genres
في صلة هذا * الفصل (1446) بما قبله، وذلك من وجهين أحدهما أنه لما ذكر مانعا من موانع الإسهال وهو * كون (1447) الأجزاء المذكورة بالحالة المذكورة ذكر له * مانعا (1448) آخر وهو عند كون البدن نقيا من المواد الفاسدة. وثانيهما أن هذا كالدليل على صحة حكمه في الفصل المتقدم. وذلك أنه إذا كان الإسهال في * البدن (1449) الصحيح خطرا لعدم مواده الفاسدة * فبالأولى (1450) أن يكون خطره أعظم فيمن كان بدنه ناقص المواد راسبا كمن هو بالحالة المذكورة في الفصل المتقدم.
البحث الثاني:
البدن الصحيح هو النقي من الفضلات. ومثل هذا البدن متى ورد عليه الدواء المسهل أو المقيئ جذب ما هو محتاج إليه * في (1451) التغذية. ومثل * هذا (1452) لا يخرج إلا عند * قهرهما (1453) له واستيلائهما * عليه (1454) . ومع ذلك فإن المستفرغ تصحبه أرواح كثيرة بسبب صلاحيته للتغذية. وكل ذلك موجب للغشي.
البحث الثالث:
قال جالينوس أما الذين أبدانهم صحيحة * فالواجب (1455) أن يعرض لهم الغشي عند استعمال الدواء المسهل أو المقيئ. وذلك لأن الدواء المذكور ينهك هذه الأبدان ويذيبها ولا ينقيها وينقصها. قال الرازي: إن كان إيجاب الدواء المذكور للغشي في البدن المذكور لما ذكره أي لكونه ينهك ويذيبه فإيجابه الغشي للبدن العليل أولى. وذلك لأن البدن العليل قواه ضعيفة واهية وحرارته الغريزية * كذلك (1456) . ومثل هذا البدن متى ورد عليه الدواء المسهل أو * المقيئ (1457) أنهكه وأضعف قواه. ثم قال: بل العلة في ذلك أن البدن PageVW5P101B الصحيح لا امتلاء فيه ولا رداءة في * أخلاطه (1458) فالدواء يستفرغ منه * ما (1459) تحتاج إليه الطبيعة. فلذلك * صار (1460) يحدث الغشي. أقول: وفي الحقيقة * أن (1461) العلة التي أتى بها الرازي هي بعينها * العلة (1462) التي أتى بها جالينوس. فإن البدن الصحيح يجذب منه الدواء * الكيموس (1463) الجيد المحتاج إليه في تغذيته. وإذا جذبه وأخرجه ساء حاله وعرض له الغشي لما ذكرنا، فهو منهك له ومؤديه إلى الغشي.
البحث الرابع:
قال إبن أبي صادق: كثيرا من الأصحاء يتفق * له (1464) إذا * شرب (1465) المسهل لا يغشى * عليه (1466) بل يضره المضرة التي تثمر الغشي. وذلك لأن دواء الاستفراغ إذا استعمل فيمن هذه حاله جذب ما يحتاج إليه البدن من الأخلاط بعسر ومشقة وأذى وكرب شديد وربما أحدث أعراضا رديئة كالمغص والدوار وربما إذا أفرط أحدث الغشي. وذلك إذا كان الاستكراه * والاجتذاب (1467) أكثر فيكون الأذى والكرب أقوى وأشد. أقول: أن ابن أبي صادق قد جعل * حدوث (1468) الغشي لهؤلاء قليلا وهو مخالف لحكم أبقراط المطلق أو على الأكثر * بحسب (1469) الأحكام الطبية، غير أنه ينبغي أن يفهم من ذلك أن كل دواء مسهل أو مقيئ إذا استعمل في حال الصحة فإنه يحدث الغشي بل القوي من ذلك، فإن الضعيف لا يبلغ أن يجذب الرطوبات والمواد المحتاج إليها في التغذية حتى يحدث الغشي بل الطبيعة المدبرة للبدن تقهره عند استعماله وتخرجه عن البدن.
البحث الخامس
في معنى قوله «وكذلك من كان يغتذي بغذاء رديء». قال جالينوس: الغذاء يطلق ويراد به * معنيان (1470) أحدهما الغذاء الوارد على البدن من خارج والآخر الغذاء الذي يحويه البدن وعلى أي هذين المعنين فهمت قوله الغذاء * قوله (1471) حق لأن من شأن * الطعام (1472) الرديء * أيضا (1473) أن يولد * دما (1474) رديئا. * فالذين (1475) يغتذون بغذاء رديء يسرع اليهم الغشي عند استعمال المسهل أو المقيئ لأن في أبدانهم فضلات رديئة فاسدة غير أنها كامنة ساكنة مغمورة في أخلاط أخرى جيدة فلا تشعر الطبيعة بها ولا بأذيتها فإذا PageVW1P047B حركت بالدواء المسهل أو المقيئ تأذت بها الطبيعة والأعضاء. وذلك موجب للغشي * فإذا (1476) انصب * منها (1477) * شيء (1478) إلى المعدة أوجبه بمشاركة فم المعدة للقلب * وبمجاورته (1479) أيضا له. واعلم أن هذا الحكم من الفاضل جالينوس يفضي إلى * امتناع (1480) استعمال المسهل والمقيئ جملة. وذلك لأنه منع منه في الأبدان الصحيحة لذوبانها وفي غير الصحيحة لذوبان الأخلاط الفاسدة. وإذا منع من استعمال ذلك في الأبدان النقية وغير النقية وهي محل * استعمالهما (1481) فلم يبق * لهما (1482) محل استعمال. وذلك يفضي إلى عدم * استعمالهما (1483) جملة، وذلك باطل. أو يقال لم لا يقال إن الدواء المذكور يخرج المواد الفاسدة من البدن المذكور ويريح قواه، وهذا هو الأنسب بفعل هذه الأدوية. فإنه لو كان ما قاله الفاضل جالينوس صحيحا لكنا إذا أعطينا المرضى دواء مسهلا أضرينا بهم وأوقعناهم فيما هو أخطر مما هم فيه. وقال ابن أبي صادق: والعلة في حدوث الغشي فيمن كان يعتذي بغذاء رديء * ضعف (1484) حرارته الغريزية * اللازمة (1485) لقلة دمه وروحه وأيضا فإن أعضاءه لا تغتذي PageVW5P102A بالاغتذاء التام لقلة دمه الجيد الصالح * للاغتذاء (1486) . ومع ذلك فأخلاطه الفاسدة كثيرة فتأذى الأعضاء بكميتها وكيفيتها. فلهذه المعاني * أجمع (1487) تضعف قواه، وقصارى أمره أن يصير بآخره إلى انحلال قوته، * وهو (1488) الغشي كالحال فيمن رأيناهم في * سني المجاعة (1489) قال. ويكون تقدير هذا الفصل بحسب هذا التفسير: من كان بدنه صحيحا فأسهل أو قيئ بدواء أسرع إليه الغشي وكذلك يسرع الغشي إلى من كان يغتذي بغذاء رديء. وهذا الكلام فيه نظر وهو أن يقول سرعة عروض الغشي لمن يغتذي بغذاء رديء إما أن يكون مع تناوله أو بعد الاستمراء على تناوله. والأول باطل على حكم ما ذكره من التعليل بقلة الدم والروح وكثرة الكيموسات الرديئة بحيث يتبع ذلك ضعف الحار الغريزي. والثاني أيضا باطل فإن الغشي لا يكون حدوثه في مثل هذه الصورة بسرعة بل بعد مدة طويلة لأن المواد المذكورة * تألفها (1490) الأعضاء والطبيعة المدبرة للبدن وذلك مخالف لكلام أبقراط فإنه قال من كان بدنه صحيحا فأسهل أو قيي بدواء أسرع إليه الغشي وكذلك من كان يغتذي بغذاء رديء أي أن من كان بهذه الصورة فالغشي يسرع إليه وقد قال أنه لا يحدث به إلا * بعد بمدة (1491) طويلة لأن المواد المذكورة تألفها الأعضاء والطبيعة المدبرة للبدن. وذلك مخالف لكلام أبقراط فإنه قال من كان بدنه صحيحا فأسهل أو قيئ بدواء أسرع إليه الغشي، وكذلك من كان يغتذي بغذاء رديء أي من كان بهذه الصورة فالغشي يسرع إليه. وقد قال إنه لا يحدث به إلا بعد مدة طويلة. والذي أقوله * من (1492) هذا البحث إن من لزم الاغتذاء بالغذاء الرديء فإنه يجتمع * منه في بدنه (1493) كيموس رديء كثير ويقل معه الكيموس الجيد، فإذا استفرغ بدنه من الكيموس الرديء تحلل من أرواحه القليلة وموادها ولا يجد عوضا سادا بدل ما تحلل منها عند الاستفراغ فيعرض الغشي. * فلذلك (1494) ينبغي أن يكون استفراغ هذا الشخص وأمثاله بدواء ضعيف لا في دفعة بل في دفعات. * وأما بيان الحاجة إلى الإسهال فقد عرفت ذلك مما تقدم في شرحنا لقوله إنما ينبغي أن يستعمل الدواء أو التحريك بعد أن ينضج المرض (1495) .
البحث السادس
Unknown page