244

Sharh Diwan Mutanabbi

شرح ديوان المتنبي

Investigator

مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي

Publisher

دار المعرفة

Publisher Location

بيروت

الْمَعْنى يُرِيد إِنَّه من كَانَ فى شدَّة فَلْيَكُن كَمَا أَنا عَلَيْهِ تَعْظِيمًا لما هُوَ فِيهِ من الشدَّة وَتمّ الْكَلَام هَا هُنَا ثمَّ اسْتَأْنف قولا آخر مُتَعَجِّبا من حسن الْمُشبه أى كَأَنَّهُ ظبى فى حسنه وَوَقع الشَّك لوُقُوع الِاشْتِبَاه كَقَوْل قيس
(فعَيْناكِ عَيْناها وَجِيدُكِ جِيدُها ... ولكنَّ عَظْمَ السَّاق منكِ دقيقُ)
وَقَوله أغذاء هُوَ اسْتِفْهَام مَعْنَاهُ الْإِنْكَار يُرِيد أَن الرشأ الذى يهواه إنسى وَلَا وحشى فيغذى بالشيح وَقَالَ أَبُو الْفَتْح المصراعان متباينان فَلذَلِك أفرد كل وَاحِد بِمَعْنى وَقَالَ أَصْحَاب الْمعَانى قد يفعل الشَّاعِر مثل هَذَا فى التشبيب خَاصَّة ليدل بِهِ على ولهه وشغله عَن تَقْوِيم خطابه كَقَوْل جران الْعود ١
(يَوْمَ ارتحلْتُ برَحْلى قبل برْذَعتى ... والعقلُ مدَّلِهٌ والقلْبُ مَشْغولُ)
(ثمَّ انصرفت إِلَى نِضوى لِأبعثه ... إِثْر الحُدوج الغوادى وَهُوَ مَعْقُول)
يُرِيد أَنه لشغل قلبه لم يدر كَيفَ يرحل وَلم يدر أَن بعيره مَعْقُول وفى كَلَامه مَا يدل على ولهه مِمَّا ذكر من حَاله وعَلى هَذَا يحمل قَول زُهَيْر
(قِفْ بالدّيارِ الَّتِى لم يعْفُها الْقدَم)
ثمَّ قَالَ
(بلَى وَغَيرهَا الْأَرْوَاح والديم)
وَقَالَ القَاضِي بَين المصراعين اتِّصَال لطيف وَهُوَ أَنه لما أخبر عَن عظم تبريحه بَين أَن لاذى أورثه ذَلِك هُوَ الرشأ الذى شكله على شكل الغزلان فِي غذائه وزاده ابْن فورجة بَيَانا فَقَالَ يُرِيد مَا غذَاء هَذَا الرشأ إِلَّا القاوب وأبدان العشاق يهزلها ويمرضها ويبرح بهَا وَقد صرح بَعضهم بِهَذَا الْمَعْنى فَقَالَ
(يَرْعَى القُلُوبَ وتَرْتَعِى الْغِزْلانُ ... فى البَيْداءِ ٢ شيحَه)
وَكَأن أَبَا الطّيب قَالَ ليكن تبريح الْهوى عَظِيما مثل مَا حل بى أتظنون من فعل بى هَذَا الْفِعْل غذاؤه الشيح مَا غذاؤه إِلَّا قُلُوب العشاق

1 / 244