154

Sharh Diwan Mutanabbi

شرح ديوان المتنبي

Investigator

مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي

Publisher

دار المعرفة

Publisher Location

بيروت

- الْغَرِيب الشبائب جمع شبيبة الْمَعْنى يَقُول هم فى الْقُلُوب أحلى موقعا من الْحَيَاة فى النُّفُوس إِذا أُعِيدَت وَذكرهمْ على الْأَلْسِنَة أَكثر من ذكر أَيَّام الشَّبَاب وَلَقَد أحسن ٢٥ - الْغَرِيب البواتر جمع باتر وَهُوَ السَّيْف الْقَاطِع وَالْمُضَارب جمع مضرب وَهُوَ نَحْو شبر من طرفه وَكَذَلِكَ مضرب السَّيْف والمضرب أَيْضا الْعظم الذى فِيهِ مخ يُقَال للشاة إِذا كَانَت مَهْزُولَة مَا برم مِنْهَا مضرب أى إِذا كسر عظم من عظامها لم يصب فِيهِ مخ الْمَعْنى يُرِيد أَنه من أَوْلَاد على ﵇ وَأَنه قد فعل مَكَارِم دلّت على كرم أَبِيه فَكَأَنَّهُ نَصره بأفعاله الْحَسَنَة فى النَّاس فَكَانَت مثل النصير لِأَبِيهِ واستعار البواتر للأفعال الْحَسَنَة ٢٦ - الْغَرِيب التهامى نِسْبَة إِلَى تهَامَة وَسميت تهَامَة لشدَّة حرهَا وانخفاض أرْضهَا والتهم كَذَلِك فى اللُّغَة الْمَعْنى قَالَ أَبُو الْفَتْح قد أَكثر النَّاس القَوْل فى هَذَا الْبَيْت وَهُوَ فى الْجُمْلَة شنيع الظَّاهِر فأضربت عَن ذكره وَقد كَانَ يتعسف فى الِاحْتِجَاج لَهُ والاعتذار بِمَا لست أرَاهُ مقنعا وَمَعَ هَذَا فَلَيْسَتْ الاعتقادات والآراء فى الدّين مِمَّا يقْدَح فى جودة الشّعْر ورداءته انْتهى كَلَامه وَقَالَ الواحدى قَالَ أَبُو الْفضل العروضى فِيمَا أملاه على هَذَا بَين حسن الْمَعْنى مُسْتَقِيم اللَّفْظ حَتَّى لَو قلت إِنَّه أمدح بَيت فى الشّعْر لم أبعد عَن الصَّوَاب وَلَا ذَنْب لَهُ إِذا جهل النَّاس غَرَضه واشتبه عَلَيْهِم وَأما مَعْنَاهُ فَإِن قُريْشًا أَعدَاء النبى يَقُولُونَ إِن مُحَمَّدًا صنبور أَبتر لَا عقب لَهُ الصنبور الْمُنْفَرد فَإِذا مَاتَ اسْتَرَحْنَا مِنْهُ فَأنْزل الله تَعَالَى ﴿إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر﴾ أى الْعدَد الْكثير وَلست بالأبتر الذى قَالُوهُ ﴿إِن شانئك هُوَ الأبتر﴾ فَقَالَ المتنبى أَنْتُم من معجزات النَّبِي وَآيَة لتصديقه وَتَحْقِيق لقَوْل الله تَعَالَى وَذَلِكَ أجدى بِالْجِيم مَا لكم من مَنَاقِب فَإِن قيل الْأَنْسَاب تَنْعَقِد بِالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاء لَا بالأمهات وَالْبَنَات كَمَا قَالَ الشَّاعِر (بنونا بَنو أبْنائنا وبناتُنا ... بنوهنّ أبْناء الرّجال الأباعدِ ...) قُلْنَا هَذَا خلاف حكم الْقُرْآن الْعَزِيز قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَمن ذُريَّته دَاوُد وَسليمَان﴾ إِلَى قَوْله ﴿وَيحيى وَعِيسَى﴾ فَجعل عِيسَى من ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلَا خلاف أَن عِيسَى من غير أَب وَأما قَوْله التهامى فَإِن الله أنزل فى التَّوْرَاة على مُوسَى إنى باعث نَبيا من تهَامَة من ولد إِسْمَاعِيل ﵇ فى آخر الزَّمَان وَأمر مُوسَى ﵊ أمته أَن يُؤمنُوا بِهِ إِذا بعث وَدلّ عَلَيْهِ بعلامات أخر فَأنْكر الْيَهُود نبوته فَقَالَ " أَنا النبى التهامى الأمى الأبطحى " فَلَا أدرى كَيفَ نقموا على المتنبى لَفْظَة افتخر النبى بهَا وَلما رووا إِحْدَى مَا لكم بِالْحَاء اضْطربَ عَلَيْهِم الْمَعْنى وأقرأنا أَبُو الْحسن الرخجى أَولا والشعرانى ثَانِيًا والخوارزمى ثَالِثا وأجدى بِالْجِيم فاستقام الْمَعْنى وَاللَّفْظ وتشنيع أَبى الْفَتْح عَلَيْهِ وَغَيره بَاطِل قَالَ الواحدى وَلَيْسَ هَذَا الْمَعْنى فَاسِدا وَإِن روى بِالْحَاء لِأَنَّهُ يَقُول كَون النبى التهامى أَبَا لكم إِحْدَى مناقبكم أى لكم مَنَاقِب كَثِيرَة وإحداها أَنكُمْ تنسبون إِلَيْهِ وَقَالَ ابْن فورجة روى بَعضهم (وأكبرُ آياتِ التِّهامىّ آيَةً ... أَبوك ... ... . . ...) يعْنى بِهِ على بن أَبى طَالب ﵇ وَكَانَ آيَة من آيَات رَسُول الله

1 / 154