Sharḥ ʿUmdat al-Fiqh (min awwal kitāb al-ṣalāh ilā ākhir bāb ādāb al-mashī ilā al-ṣalāh)
شرح عمدة الفقه (من أول كتاب الصلاة إلى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة)
Editor
د. صالح بن محمد الحسن
Publisher
مكتبة الحرمين
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٨ م
Publisher Location
الرياض
بِالدَّيْنِ، وَلَمْ يَكُنِ الْبَذْلُ هُوَ الْمُقَرِّرَ لِلْوُجُوبِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا سَأَلُوهُ عَنْ إِجْزَاءِ الْحَجِّ عَنِ الْمَعْضُوبِ، وَعَنْهُ وَقَعَ الْجَوَابُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْوُجُوبِ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ. وَبِاتِّفَاقٍ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَاذِلِ أَنْ يَحُجَّ.
وَنَحْنُ إِنَّمَا اسْتَدْلَلْنَا بِحَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ ﷺ عَنْ أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَى أَبِيهِ؛ لِتَبْرَأَ ذِمَّةُ الْأَبِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ وَيَعْتَمِرَ، فَعُلِمَ أَنَّ كِلَاهُمَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْأَبِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَأْمُرَهُ [بِهِ كَمَا لَمْ يَأْمُرْهُ] بِتَكْرَارِ الْحَجِّ وَالطَّوَافِ، فَعِنْدَ هَذَا يَكُونُ قَوْلُ السَّائِلِ: عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ إِذَا أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ كَانَ لِمِلْكِهِ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ، وَقَدْ بَلَغَ هَؤُلَاءِ أَنَّ مَنْ مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ فَعَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، وَلَمْ يَعْلَمُوا حُكْمَ الْعَاجِزِ عَنِ الرُّكُوبِ أَيَسْقُطُ عَنْهُ أَمْ يَتَجَشَّمُ الْمَشَاقَّ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ وَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ، أَمْ يَسْتَخْلِفُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ؟ وَلِهَذَا جَزَمَتِ السَّائِلَةُ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ، وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ، وَلَنْ يَقُولَ هَذَا إِلَّا مَنْ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ وَوَاجِبٌ. فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِالْحَجِّ عَنِ الْآبَاءِ، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهُمْ هَلْ مَلَكُوا مَالًا أَمْ لَا لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ إِنَّمَا سَأَلُوهُ عَنْ جَوَازِ النِّيَابَةِ وَإِسْقَاطِهَا فَرْضَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ الْوَاجِدِ وَالْمُعْدِمِ، فَلَمْ يَكُنْ لِلِاسْتِفْصَالِ وَجْهٌ. وَكُلُّ مَعْضُوبٍ إِذَا حَجَّ عَنْهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ أَسْقَطَ عَنْهُ الْفَرْضَ، حَتَّى لَوْ مَلَكَ بَعْدَ هَذَا مَالًا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى، وَشَبَّهَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِالدَّيْنِ فِي جَوَازِ الْأَدَاءِ عَنِ الْغَيْرِ. فَإِنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى
1 / 141