145

Sharh Cumdat Fiqh

شرح عمدة الفقه (من أول كتاب الصلاة إلى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة)

Investigator

د. صالح بن محمد الحسن

Publisher

مكتبة الحرمين

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٩ هـ - ١٩٨٨ م

Publisher Location

الرياض

النِّعْمَةِ فَإِذَا لَمْ يَحُجَّ الرَّجُلُ لَمْ يَكُنْ إِسْلَامُهُ وَدِينُهُ كَامِلًا بَلْ يَكُونُ نَاقِصًا، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتْرُكَ دِينَهُ نَاقِصًا، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُخِلَّ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا. وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الْحَجَّ فَرْضٌ مُتَقَدِّمًا، وَأَخَّرَهُ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ فَعَنْهُ أَجْوِبَةٌ: - أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ الْحَجَّ، وَكَتَبَهُ وَمَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ مُؤَخِّرِينَ لَهُ مِنْ غَيْرِ عَائِقٍ أَصْلًا خَمْسَ سِنِينَ، وَلَا سَنَةً وَاحِدَةً، فَإِنَّ الْقَوْمَ - رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ - كَانُوا مُسَارِعِينَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمُ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، يُبَادِرُونَ إِلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ طَلَبَ الْفَضْلِ وَالثَّوَابِ لِعِلْمِهِمْ بِمَا فِي الْمُسَابَقَةِ مِنَ الْأَجْرِ، فَكَيْفَ يُؤَخِّرُونَ الْحَجَّ بَعْدَ وُجُوبِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَصْلًا. وَتَأْخِيرُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، أَوْ هُوَ خِلَافُ الْأَحْسَنِ وَالْأَفْضَلِ، وَتَأَخُّرٌ عَنْ مَقَامَاتِ السَّبْقِ وَدَرَجَاتِ الْمُقَرَّبِينَ فَكَيْفَ تُطْبِقُ الْأُمَّةُ مَعَ نَبِيِّهَا عَلَى تَرْكِ الْأَحْسَنِ وَالْأَفْضَلِ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَصْلًا. وَأَيْضًا فَقَدْ مَاتَ مِنْهُمْ فِي تِلْكَ السَّنَوَاتِ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَمْ يَحُجُّوا، أَفَتَرَى أُولَئِكَ لَقُوا اللَّهَ عَاصِينَ بِتَرْكِ أَحَدِ مَبَانِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُنَبِّهْهُمُ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى ذَلِكَ وَلَا قَالَ لَهُمُ: احْذَرُوا تَفْوِيتَهُ، مَعَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَحُجَّ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ يَهُودِيًّا، أَوْ نَصْرَانِيًّا؟ وَقَدْ عُلِمَ بِغَيْرِ رَيْبٍ أَنَّ قَبْلَ الْفَتْحِ لَمْ يَحُجَّ مُسْلِمٌ، وَبَعْدَ الْفَتْحِ إِنَّمَا

1 / 217