Sharḥ al-ʿAqīda al-Ṭaḥāwiyya
شرح العقيدة الطحاوية
Editor
أحمد شاكر
Publisher
وزارة الشؤون الإسلامية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٨ هـ
Publisher Location
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genres
Creeds and Sects
﴿مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾ (١)، ﴿بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ (٢)، ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ (٣)، ﴿فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ﴾ (٤)، ﴿كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾ (٥)، ﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ (٦)، ﴿يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ (٧)، ﴿لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى﴾ (٨).
وكذلك الأحاديث طَافِحَةٌ بِذِكْرِهِمْ. فَلِهَذَا كَانَ الْإِيمَانُ بِالْمَلَائِكَةِ أَحَدَ الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ أَرْكَانُ الْإِيمَانِ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّاسُ فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَصَالِحِي الْبَشَرِ، وَيُنْسَبُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ تَفْضِيلُ صَالِحِي الْبَشَرِ وَالْأَنْبِيَاءِ فَقَطْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، وَإِلَى الْمُعْتَزِلَةِ تَفْضِيلُ الْمَلَائِكَةِ، وَأَتْبَاعُ الْأَشْعَرِيِّ عَلَى قَوْلَيْنِ: مِنْهُمْ مَنْ يُفَضِّلُ الْأَنْبِيَاءَ وَالْأَوْلِيَاءَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقِفُ وَلَا يَقْطَعُ فِي ذَلِكَ قَوْلًا. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ مَيْلُهُمْ إِلَى تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ. وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَبَعْضِ الصُّوفِيَّةِ.
وَقَالَتِ الشِّيعَةُ: إِنَّ جَمِيعَ الْأَئِمَّةِ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمَلَائِكَةِ. وَمِنَ النَّاسِ مَنْ فَصَّلَ تَفْصِيلًا آخَرَ. وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ قَوْلٌ يُؤْثَرُ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ دُونَ بَعْضٍ. وَكُنْتُ تَرَدَّدْتُ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِقِلَّةِ ثَمَرَتِهَا، وَأَنَّهَا قَرِيبٌ مِمَّا لَا يَعْنِي، وَ«مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرَكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ».
وَالشَّيْخُ ﵀ لَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِنَفْيٍ وَلَا إِثْبَاتٍ، وَلَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ تَرَكَ الْكَلَامَ فِيهَا قصدا، فإن الإمام أبا حنيفة ﵀ وَقَفَ فِي الْجَوَابِ عَنْهَا [عَلَى] مَا ذَكَرَهُ فِي"مَآلِ الْفَتَاوَى" (٩)، فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَسَائِلَ لَمْ يَقْطَعْ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهَا بِجَوَابٍ، وَعَدَّ مِنْهَا: التفضيل بين الملائكة والأنبياء.
(١) سورة الزمر آية ٧٥.
(٢) سورة الأنبياء آية ٢٦.
(٣) سورة الأعراف آية ٢٠٦.
(٤) سورة فصلت آية ٣٨.
(٥) سورة الانفطار آية ١١.
(٦) سورة عبس آية ١٦.
(٧) سورة المطففين آية ٢١.
(٨) سورة الصافات آية ٨.
(٩) «مآل الفتاوى» - في كشف الظنون أنه «للإمام ناصر الدين السمرقندي الحنفي أتمه في شعبان سنة ٥٤٩».
1 / 281