253

Sharḥ al-ʿAqīda al-Ṭaḥāwiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Editor

أحمد شاكر

Publisher

وزارة الشؤون الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ

Publisher Location

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَالْعَرْشُ فِي اللُّغَةِ: عِبَارَةٌ عَنِ السَّرِيرِ الَّذِي لِلْمَلِكِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْ بِلْقِيسَ: ﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ (١)، وَلَيْسَ هُوَ فَلَكًا، وَلَا تَفْهَمُ مِنْهُ الْعَرَبُ ذَلِكَ، وَالْقُرْآنُ إِنَّمَا نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ، فَهُوَ: سَرِيرٌ ذُو قَوَائِمَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ، وَهُوَ كَالْقُبَّةِ عَلَى الْعَالَمِ، وَهُوَ سَقْفُ الْمَخْلُوقَاتِ. فَمِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:
مَجِّدُوا اللَّهَ فَهُوَ لِلْمَجْدِ أَهْلٌ ... رَبُّنَا فِي السَّمَاءِ أَمْسَى كَبِيرَا
بِالْبِنَاءِ الْعَالِي الَّذِي بَهَرَ النَّا ... سَ وَسَوَّى فَوْقِ السَّمَاءِ سَرِيرَا
شَرْجَعًا لَا يَنَالُهُ بَصَرُ الع ... ين تُرَى حَوْلَهُ الْمَلَائِكُ صُورَا
الصُّورُ هُنَا: جَمْعُ"أَصْوَرٍ"، وَهُوَ: الْمَائِلُ الْعُنُقِ لِنَظَرِهِ إِلَى الْعُلُوِّ. وَالشَّرْجَعُ: هُوَ الْعَالِي الْمُنِيفُ. وَالسَّرِيرُ: هُوَ الْعَرْشُ فِي اللُّغَةِ. وَمِنْ شِعْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ ﵁، الَّذِي عَرَّضَ بِهِ عَنِ الْقِرَاءَةِ لِامْرَأَتِهِ حِينَ اتَّهَمَتْهُ بِجَارِيَتِهِ:
شَهِدْتُ بِأَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ... وَأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الْكَافِرِينَا
وَأَنَّ الْعَرْشَ فَوْقَ الْمَاءِ طَافٍ ... وَفَوْقَ الْعَرْشِ رَبُّ الْعَالَمِينَا
وَتَحْمِلُهُ مَلَائِكَةٌ شِدَادٌ ... مَلَائِكَةُ الْإِلَهِ مُسَوَّمِينَا
ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «
أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ ﷿ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ ما بين شحمة أذنه إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِمِائَةِ عَامٍ» (٢). وَرَوَاهُ ابْنُ أبي حاتم ولفظه: «تخفق الطَّيْرِ سَبْعُمِائَةِ عَامٍ».
وَأَمَّا مَنْ حَرَّفَ كَلَامَ اللَّهِ، وَجَعَلَ الْعَرْشَ عِبَارَةً عَنِ الْمُلْكِ، كَيْفَ يصنع بقوله

(١) سورة النمل آية ٢٣.
(٢) رواه أبو داود في سننه، برقم: ٤٧٢٧.

1 / 256