Sharh Caqida Tahawiyya
شرح العقيدة الطحاوية
Investigator
أحمد شاكر
Publisher
وزارة الشؤون الإسلامية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤١٨ هـ
Publisher Location
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genres
Creeds and Sects
فَالْمُلُوكُ الْجَائِرَةُ يَعْتَرِضُونَ عَلَى الشَّرِيعَةِ بِالسِّيَاسَاتِ الْجَائِرَةِ، وَيُعَارِضُونَهَا بِهَا، وَيُقَدِّمُونَهَا عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَأَحْبَارُ السُّوءِ، وَهُمُ الْعُلَمَاءُ الْخَارِجُونَ عَنِ الشَّرِيعَةِ بِآرَائِهِمْ وَأَقْيِسَتِهِمُ الْفَاسِدَةِ، الْمُتَضَمِّنَةِ تَحْلِيلَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَتَحْرِيمَ مَا أَبَاحَهُ، وَاعْتِبَارَ مَا أَلْغَاهُ، وَإِلْغَاءَ مَا اعْتَبَرَهُ، وَإِطْلَاقَ مَا قَيَّدَهُ، وَتَقْيِيدَ مَا أَطْلَقَهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَالرُّهْبَانُ وَهُمْ جُهَّالُ الْمُتَصَوِّفَةِ، الْمُعْتَرِضُونَ عَلَى حَقَائِقِ الْإِيمَانِ وَالشَّرْعِ، بِالْأَذْوَاقِ وَالْمَوَاجِيدِ وَالْخَيَالَاتِ وَالْكُشُوفَاتِ الْبَاطِلَةِ الشَّيْطَانِيَّةِ، الْمُتَضَمِّنَةِ شَرْعَ دِينٍ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، وَإِبْطَالَ دِينِهِ الَّذِي شَرَعَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ، وَالتَّعَوُّضَ عَنْ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ بِخُدَعِ الشَّيْطَانِ وَحُظُوظِ النَّفْسِ. فَقَالَ الْأَوَّلُونَ: إِذَا تَعَارَضَتِ السِّيَاسَةُ وَالشَّرْعُ قَدَّمْنَا السِّيَاسَةَ! وَقَالَ الْآخَرُونَ: إِذَا تَعَارَضَ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ قَدَّمْنَا الْعَقْلَ! وَقَالَ أَصْحَابُ الذَّوْقِ: إِذَا تَعَارَضَ الذَّوْقُ وَالْكَشْفُ، وَظَاهِرُ الشَّرْعِ قَدَّمْنَا الذَّوْقَ وَالْكَشْفَ.
وَمِنْ كَلَامِ أَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ ﵀ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ إِحْيَاءَ عُلُومِ الدِّينِ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ كُتُبِهِ، أَوْ أَجَلِّهَا: فَإِنْ قُلْتَ: فَعِلْمُ الْجَدَلِ وَالْكَلَامِ مَذْمُومٌ كَعِلْمِ النُّجُومِ أَوْ هُوَ مُبَاحٌ أَوْ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ؟ فَاعْلَمْ أَنَّ لِلنَّاسِ فِي هَذَا غُلُوًّا وِإِسْرَافًا فِي أَطْرَافٍ. فَمِنْ قَائِلٍ: إِنَّهُ بِدْعَةٌ وَحَرَامٌ، وَإِنَّ الْعَبْدَ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ بِكُلِّ ذَنْبٍ سِوَى الشِّرْكِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِالْكَلَامِ. وَمِنْ قَائِلٍ: إِنَّهُ فَرْضٌ، إِمَّا عَلَى الْكِفَايَةِ، وَإِمَّا عَلَى الْأَعْيَانِ، وَإِنَّهُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ وَأَعْلَى الْقُرُبَاتِ، فَإِنَّهُ تَحْقِيقٌ لِعِلْمِ التَّوْحِيدِ وَنِضَالٌ عَنْ دِينِ اللَّهِ. قَالَ: وَإِلَى التَّحْرِيمِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَسُفْيَانُ وَجَمِيعُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مِنَ السَّلَفِ وَسَاقَ الْأَلْفَاظَ عَنْ هَؤُلَاءِ. قَالَ: وَقَدِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنَ السَّلَفِ عَلَى هَذَا.
لَا يَنْحَصِرُ مَا نُقِلَ عَنْهُمْ مِنَ التَّشْدِيدَاتِ فِيهِ، [وقَالُوا]: (١)
(١) في الأصل: (قالوا)، والتصحيح من الإحياء ١/ ٩٥. ن.
1 / 172