Sharḥ al-ʿAqīda al-Ṭaḥāwiyya
شرح العقيدة الطحاوية
Editor
أحمد شاكر
Publisher
وزارة الشؤون الإسلامية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٨ هـ
Publisher Location
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Genres
Creeds and Sects
وَقَوْلُهُ: (وَكَافَّةِ الْوَرَى) فِي جَرِّ (كَافَّةِ) نَظَرٌ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَمْ تُسْتَعْمَلْ كَافَّةٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِلَّا حَالًا، وَاخْتَلَفُوا فِي إِعْرَابِهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ (١)، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهَا حَالٌ مِنَ الْكَافِ فِي أَرْسَلْنَاكَ وَهِيَ اسْمُ فَاعِلٍ وَالتَّاءُ فِيهَا لِلْمُبَالَغَةِ، أَيْ: إِلَّا كَافًّا لِلنَّاسِ عَنِ الْبَاطِلِ، وَقِيلَ: هِيَ مَصْدَرُ كَفَّ (٢)، فَهِيَ بِمَعْنَى كَفًّا أَيْ: إِلَّا أَنْ تَكُفَّ النَّاسَ كَفًّا، وَوُقُوعُ الْمَصْدَرِ حَالًا كَثِيرٌ. الثَّانِي: أَنَّهَا حَالٌ مِنَ النَّاسِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ حَالَ الْمَجْرُورِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنِ الْعَرَبِ كَثِيرًا فَوَجَبَ قَبُولُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ مَالِكٍ ﵀، أَيْ: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا لِلنَّاسِ كَافَّةً. الثَّالِثُ: أَنَّهَا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: إِرْسَالَةً كَافَّةً. وَاعْتُرِضَ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَمْ تُسْتَعْمَلْ إِلَّا حَالًا.
وَقَوْلُهُ: (بِالْحَقِّ وَالْهُدَى وَبِالنُّورِ وَالضِّيَاءِ). هَذِهِ أَوْصَافُ مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الدِّينِ وَالشَّرْعِ الْمُؤَيَّدِ بِالْبَرَاهِينِ الْبَاهِرَةِ مِنَ الْقُرْآنِ وَسَائِرِ الْأَدِلَّةِ. وَالضِّيَاءُ: أَكْمَلُ مِنَ النُّورِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا﴾ (٣).
قَوْلُهُ: (وَإِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، مِنْهُ بَدَا بِلَا كَيْفِيَّةٍ قَوْلًا، وَأَنْزَلَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَحْيًا، وَصَدَّقَهُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى ذَلِكَ حَقًّا، وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحَقِيقَةِ، لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ كَكَلَامِ الْبَرِيَّةِ. فَمَنْ سَمِعَهُ فَزَعَمَ أَنَّهُ كَلَامُ الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ، وَقَدْ
(١) سورة سَبَإٍ آية ٢٨.
(٢) في المطبوعة "فيه" بدل "فهي"! ولا يستقيم بها سياق الكلام.
(٣) سورة يُونُسَ آية ٥.
1 / 127