Sharḥ al-Zurqānī ʿalā Muwaṭṭaʾ al-Imām Mālik
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
Editor
طه عبد الرءوف سعد
Publisher
مكتبة الثقافة الدينية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
Ḥadīth Studies
- (قَالَ عُرْوَةُ) مَقُولُ ابْنِ شِهَابٍ فَهُوَ مَوْصُولٌ لَا مُعَلَّقٌ كَمَا زَعَمَ الْكِرْمَانِيُّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ عَلَى بُعْدِهِ مُخَالِفٌ لِلْوَاقِعِ؛ أَيْ: لِرِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ لِهَذَا الْقَدْرِ وَحْدَهُ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ اللَّيْثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بَلْ وَكَذَا أَفْرَدَهُ فِي الْمُوَطَّأِ رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُرْوَةَ.
(وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ) بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْقَهُ النِّسَاءِ مُطْلَقًا (زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ وَأَفْضَلُ أَزْوَاجِهِ إِلَّا خَدِيجَةَ فَفِيهَا خِلَافٌ أَصَحُّهُ تَفْضِيلُ خَدِيجَةَ، مَاتَتْ عَائِشَةُ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ عَلَى الصَّحِيحِ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ) سُمِّيَتِ الْعَصْرَ لِأَنَّهَا تَعْصِرُ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَعَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ؛ أَيْ: يَتَبَطَّأُ بِهَا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ جَاءَ فُلَانٌ عَصْرًا؛ أَيْ: بَطِيئًا.
(وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ؛ أَيْ: بَيْتِهَا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَنْعِهَا الْمَالَ؛ أَيْ: وَوُصُولِ الْأَغْيَارِ مِنَ الرِّجَالِ، وَلِلْبَيْهَقِيِّ: فِي قَعْرِ حُجْرَتِهَا وَفِيهِ نَوْعُ الْتِفَاتٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: فِي حُجْرَتِي عَلَى الْأَصْلِ.
(قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ) أَيْ: تَرْتَفِعَ، قَالَ فِي الْمُوعَبِ: ظَهَرَ فُلَانٌ السَّطْحَ إِذَا عَلَاهُ، وَمِنْهُ: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ﴾ [الكهف: ٩٧] (سُورَةُ الْكَهْفِ: الْآيَةُ ٩٧) أَيْ: يَعْلُوهُ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَى الظُّهُورِ الصُّعُودُ وَمِنْهُ: ﴿وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ﴾ [الزخرف: ٣٣] (سُورَةُ الزُّخْرُفِ: الْآيَةُ ٣٣) وَقَالَ عِيَاضٌ: قِيلَ: الْمُرَادُ تَظْهَرُ عَلَى الْجُدُرِ. وَقِيلَ: تَرْتَفِعُ كُلُّهَا عَنِ الْحُجْرَةِ. وَقِيلَ: تَظْهَرُ بِمَعْنَى تَزُولُ عَنْهَا كَمَا قَالَ: وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا، انْتَهَى.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ: " «كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ فِي حُجْرَتِي لَمْ يَظْهَرِ الْفَيْءُ بَعْدُ» " فَجَعَلَ الظُّهُورَ لِلْفَيْءِ.
وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: " جَعَلَهُ لِلشَّمْسِ " وَجَمَعَ الْحَافِظُ بِأَنَّ كُلًّا مِنَ الظُّهُورِ غَيْرُ الْآخَرِ، فَظُهُورُ الشَّمْسِ خُرُوجُهَا مِنَ الْحُجْرَةِ، وَظُهُورُ الْفَيْءِ انْبِسَاطُهُ فِي الْحُجْرَةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَتِ الشَّمْسُ فِيهِ بَعْدَ خُرُوجِهَا.
قَالَ: وَالْمُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجِيلُ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي فَهِمَتْهُ عَائِشَةُ وَكَذَا عُرْوَةُ الرَّاوِي عَنْهَا، وَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي تَأْخِيرِهِ صَلَاةَ الْعَصْرِ كَمَا مَرَّ، وَشَذَّ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ: لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى التَّعْجِيلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْحُجْرَةَ كَانَتْ قَصِيرَةَ الْجِدَارِ فَلَمْ تَكُنْ تَحْتَجِبُ عَنْهَا إِلَّا بِقُرْبِ غُرُوبِهَا فَيَدُلُّ عَلَى التَّأْخِيرِ لَا عَلَى التَّعْجِيلِ، وَتَعَقَّبَ بِأَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ مَعَ اتِّسَاعِ الْحُجْرَةِ، وَقَدْ عُرِفَ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالْمُشَاهَدَةِ أَنَّ حُجَرَ أَزْوَاجِهِ ﷺ لَمْ تَكُنْ مُتَّسِعَةً وَلَا يَكُونُ ضَوْءُ الشَّمْسِ بَاقِيًا فِي قَعْرِ الْحُجْرَةِ الصَّغِيرَةِ لَا وَالشَّمْسُ قَائِمَةً مُرْتَفِعَةً، وَإِلَّا مَتَى مَالَتْ جِدًّا ارْتَفَعَ ضَوْؤُهَا
1 / 77