243

Sharḥ al-Zurqānī ʿalā Muwaṭṭaʾ al-Imām Mālik

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Editor

طه عبد الرءوف سعد

Publisher

مكتبة الثقافة الدينية

Edition

الأولى

Publication Year

1424 AH

Publisher Location

القاهرة

لَا لِلصَّلَاةِ زِيَادَةٌ فِي الْخَبَرِ وَلَيْسَ فِيهِ حَصْرٌ فِيمَا ذَكَرَ، فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الْأَذَانِ الشَّرْعِيِّ أَنَّهُ إِعْلَامٌ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ، وَالْأَذَانُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَيْسَ إِعْلَامًا بِهِ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِعْلَامَ بِالْوَقْتِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إِعْلَامًا بِأَنَّهُ دَخَلَ أَوْ قَارَبَ أَنْ يَدْخُلَ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتِ الصُّبْحُ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا مُرَغَّبٌ فِيهِ وَالصُّبْحُ تَأْتِي غَالِبًا عَقِبَ نَوْمٍ، فَنَاسَبَ أَنْ يَنْصِبَ مَنْ يُوقِظُ النَّاسَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِيَتَأَهَّبُوا وَيُدْرِكُوا أَوَّلَ الْوَقْتِ انْتَهَى.
وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
[بَاب افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَكَانَ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ»
ــ
٤ - بَابُ مَا جَاءَ فِي افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ
١٦٥ - ١٦٢ - (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيُّ (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) بْنِ عُمَرَ (عَنْ) أَبِيهِ (عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ») بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ أَيْ مُقَابِلَ (مَنْكِبَيْهِ) تَثْنِيَةُ مَنْكِبٍ، وَهُوَ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ وَبِهَذَا أَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ، وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: " «أَنَّهُ كَانَ ﷺ إِذَا صَلَّى كَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي لَفْظٍ لَهُ: " «حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ» " وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ: " «حَتَّى حَاذَيَا أُذُنَيْهِ» " وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ بِكَوْنِهِ أَصَحَّ إِسْنَادًا ثُمَّ الرَّفْعُ يَكُونُ مُقَارِنًا لِلتَّكْبِيرِ وَانْتِهَاؤُهُ مَعَ انْتِهَائِهِ، لِرِوَايَةِ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ «أَنَّهُ ﷺ رَفَعَ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ»، وَقَضِيَّةُ الْمُقَارَنَةِ أَنَّهُ يَنْتَهِي بِانْتِهَائِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَجَاءَ تَقْدِيمُ الرَّفْعِ عَلَى التَّكْبِيرِ، وَعَكْسُهُ أَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ فَعِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَغَيْرِهِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِلَفْظِ: " «رَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ» ".
وَلَهُ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: " «كَبَّرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ» ".
وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: الْأَصَحُّ يَرْفَعُ ثُمَّ يُكَبِّرُ ; لِأَنَّ الرَّفْعَ صِفَةُ نَفْيِ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ وَالتَّكْبِيرُ إِثْبَاتُ ذَلِكَ لَهُ، وَالنَّفْيُ سَابِقٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حِكْمَةَ الرَّفْعِ مَا ذُكِرَ، وَقَدْ قَالَ فَرِيقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: الْحِكْمَةُ فِي اقْتِرَانِهِمَا أَنَّهُ يَرَاهُ الْأَصَمُّ وَيَسْمَعُهُ الْأَعْمَى، وَقِيلَ: الْإِشَارَةُ إِلَى طَرْحِ الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَقِيلَ: إِلَى الِاسْتِسْلَامِ وَالِانْقِيَادِ

1 / 293