21

Sharḥ al-Zurqānī ʿalā Muwaṭṭaʾ al-Imām Mālik

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Editor

طه عبد الرءوف سعد

Publisher

مكتبة الثقافة الدينية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1424 AH

Publisher Location

القاهرة

الْمُغِيرَةِ بِذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ ظَنٌّ مِنْ أَبِي مَسْعُودٍ لِعِلْمِهِ بِصُحْبَةِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ رِوَايَةُ شُعَيْبٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ بِلَفْظٍ فَقَالَ: " لَقَدْ عَلِمْتَ " بِغَيْرِ أَدَاةِ اسْتِفْهَامٍ، وَنَحْوُهُ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ مَعًا (أَنَّ جِبْرِيلَ) - بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَفَتْحِهَا - اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ مَمْنُوعٌ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالْعُجْمَةِ.
رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جِبْرِيلُ كَقَوْلِكَ عَبْدُ اللَّهِ جِبْرٌ عَبْدٌ وَإِيلُ اللَّهُ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْمَلَائِكَةِ كَمَا نُقِلَ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ.
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ وَمَلَكَ الْمَوْتِ رُءُوسُ الْمَلَائِكَةِ وَأَشْرَافُهُمْ، وَأَفْضَلُ الْأَرْبَعَةِ جِبْرِيلُ وَإِسْرَافِيلُ، وَفِي التَّفْضِيلِ بَيْنَهُمَا تَوَقُّفٌ سَبَبُهُ اخْتِلَافُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ.
وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ حَدِيثُ: " «أَفْضَلُ الْمَلَائِكَةِ جِبْرِيلُ» " لَكِنَّ سَنَدَهُ ضَعِيفٌ وَلَهُ مُعَارِضٌ فَالْأَوْلَى الْوَقْفُ عَنْ ذَلِكَ.
(نَزَلَ) قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: نُزُولُهُ فِي صِفَةِ رَجُلٍ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ أَفْنَى الزَّائِدَ مِنْ خَلْقِهِ أَوْ أَزَالَهُ عَنْهُ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِلَيْهِ بَعْدُ، وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْإِزَالَةِ دُونَ الْفَنَاءِ، إِذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ انْتِقَالُهَا مُوجِبًا لِمَوْتِهِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَبْقَى الْجَسَدُ حَيًّا، لِأَنَّ مَوْتَهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ لَا يَجِبُ عَقْلًا بَلْ بِعَادَةٍ أَجْرَاهَا اللَّهُ فِي بَعْضِ خَلْقِهِ، وَنَظِيرُهُ انْتِقَالُ أَرْوَاحِ الشُّهَدَاءِ إِلَى أَجْوَافِ طُيُورٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ.
وَقَالَ الْبَلْقِينِيُّ: يَجُوزُ أَنَّ الْآتِيَ هُوَ جِبْرِيلُ بِشَكْلِهِ الْأَصْلِيِّ إِلَّا أَنَّهُ انْضَمَّ فَصَارَ عَلَى قَدْرِ هَيْئَةِ الرَّجُلِ وَإِذَا تَرَكَ ذَلِكَ عَادَ إِلَى هَيْئَتِهِ، وَمِثَالُ ذَلِكَ الْقُطْنُ إِذَا جُمِعَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُنْتَفِشًا فَإِنَّهُ بِالنَّفْشِ يَحْصُلُ لَهُ صُورَةٌ كَبِيرَةٌ وَذَاتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَالْحَقُّ أَنَّ تَمْثِيلَ الْمَلَكِ رَجُلًا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَاتَهُ انْقَلَبَتْ رَجُلًا بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ ظَهَرَ بِتِلْكَ الصُّورَةِ تَأْنِيسًا لِمَنْ يُخَاطِبُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ لَا يَزُولُ وَلَا يَفْنَى بَلْ يَخْفَى عَلَى الرَّائِي فَقَطْ.
وَقَالَ الْقُونَوِيُّ: يُمْكِنُ أَنَّ جِسْمَهُ الْأَوَّلَ بِحَالِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَدْ أَقَامَ اللَّهُ لَهُ شَبَحًا آخَرَ، وَرُوحُهُ مُتَصَرِّفَةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَكَانَ نُزُولُهُ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ جِبْرِيلَ هَبَطَ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ عِنْدَ الزَّوَالِ فَعَلَّمَ النَّبِيَّ ﷺ الصَّلَاةَ وَمَوَاقِيتَهَا وَهَيْئَتَهَا.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ مَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: وَكَانَ نَافِعٌ كَثِيرَ الرِّوَايَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا فُرِضَتِ الصَّلَاةُ وَأَصْبَحَ النَّبِيُّ ﷺ.
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ وَغَيْرُهُ: " «لَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ ﷺ مِنَ اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْرِيَ بِهِ لَمْ يَرْعُهُ إِلَّا جِبْرِيلُ نَزَلَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْأُولَى، فَأَمَرَ فَصِيحَ بِأَصْحَابِهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعُوا فَصَلَّى جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ وَصَلَّى النَّبِيُّ بِالنَّاسِ طَوَّلَ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ثُمَّ قَصَّرَ الْبَاقِيَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَسَلَّمَ النَّبِيُّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ نَزَلَ فِي الْعَصْرِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَفَعَلُوا كَمَا فَعَلُوا فِي الظُّهْرِ، ثُمَّ نَزَلَ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ فَصِيحَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَصَلَّى جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ ﷺ،

1 / 71