Sharḥ al-Zurqānī ʿalā Muwaṭṭaʾ al-Imām Mālik
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
Investigator
طه عبد الرءوف سعد
Publisher
مكتبة الثقافة الدينية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1424 AH
Publisher Location
القاهرة
Genres
Ḥadīth Studies
[بَاب الْعَمَلِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ]
حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ بَدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ»
ــ
١٧ - بَابُ الْعَمَلِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦] (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: الْآيَةُ ٦) أَيِ اغْتَسِلُوا كَمَا قَالَ فِي النِّسَاءِ: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: ٤٣] (سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ ٤٣) قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي الْأُمِّ: فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الْغُسْلَ مُطْلَقًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا يُبْدَأُ بِهِ قَبْلَ شَيْءٍ فَكَيْفَ مَا جَاءَ بِهِ الْمُغْتَسِلُ أَجْزَأَهُ إِذَا أَتَى بِغُسْلِ جَمِيعِ بَدَنِهِ، وَالِاحْتِيَاطُ فِي الْغُسْلِ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ الْبَابِ عَنْ مَالِكٍ بِسَنَدِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ أَحْسَنُ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَكِنْ عَمَّ جَسَدَهُ وَرَأْسَهُ وَنَوَاهُ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ، لَكِنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ.
١٠٠ - ٩٨ - (مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ) بِالْهَمْزِ، وَعَوَامُّ الْحَدِيثِ يُبْدِلُونَهَا يَاءً (أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ) بِنَصِّ: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: ٦] (سُورَةُ الْأَحْزَابِ: الْآيَةُ ٦) وَهَلْ هُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنَاتِ أَيْضًا؟ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ) أَيْ شَرَعَ فِي الْغُسْلِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ (مِنَ الْجَنَابَةِ) أَيْ لِأَجْلِهَا فَمِنْ سَبَبِيَّةٌ (بَدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ) قَالَ الْحَافِظُ: يُحْتَمَلُ لِلتَّنْظِيفِ مِنْ مُسْتَقْذَرٍ وَيُقَوِّيهِ حَدِيثُ مَيْمُونَةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْغُسْلُ الْمَشْرُوعُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ زِيَادَةُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامٍ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَزَادَ أَيْضًا: ثُمَّ يَغْسِلُ فَرْجَهُ، وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَأَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ وَهِيَ زِيَادَةٌ جَلِيلَةٌ لِأَنَّ بِتَقْدِيمِ غُسْلِهِ يَحْصُلُ الْأَمْنُ مِنْ مَسِّهِ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ.
(ثُمَّ تَوَضَّأَ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ) احْتِرَازًا عَنِ الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ غَسْلُ الْيَدَيْنِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا كَامِلًا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقِيلَ يُؤَخِّرُ غَسْلَ قَدَمَيْهِ إِلَى بَعْدِ الْغُسْلِ لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ، وَقِيلَ إِنْ كَانَ مَوْضِعُهُ وَسَخًا أَخَّرَ وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَ فِي مُسْتَنْقَعٍ أَخَّرَ وَإِلَّا فَلَا، وَظَاهِرُهُ
1 / 191