111

Sharh Cala Muwatta

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك

Investigator

طه عبد الرءوف سعد

Publisher

مكتبة الثقافة الدينية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1424 AH

Publisher Location

القاهرة

فِي الْبُخَارِيِّ وَأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقَيْنِ وَأَبِي قَتَادَةَ فِي مُسْلِمٍ وَأَنَسٍ فِي دَلَائِلِ الْبَيْهَقِيِّ، وَزِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ اَلصُّدَائِيِّ عِنْدَهُ وَعَنْ بُرَّيْجٍ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ الصُّدَائِيِّ أَيْضًا، فَإِذَا ضُمَّ هَذَا إِلَى هَذَا بَلَغَ الْكَثْرَةَ الْمَذْكُورَةَ أَوْ قَارَبَهَا.
وَأَمَّا مَنْ رَوَاهَا مِنْ أَهْلِ الْقَرْنِ الثَّانِي فَهُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا وَإِنْ كَانَ شَطْرُ طُرُقِهِ أَفْرَادًا، وَبِالْجُمْلَةِ يُسْتَفَادُ مِنْهَا رَدُّ قَوْلِ ابْنِ بَطَّالٍ: هَذَا الْحَدِيثُ شَهِدَهُ جَمْعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ وَذَلِكَ لِطُولِ عُمُرِهِ وَطَلَبِ النَّاسِ عُلُوَّ السَّنَدِ، وَهَذَا يُنَادَى عَلَيْهِ بِقِلَّةِ الِاطِّلَاعِ وَالِاسْتِحْضَارِ لِأَحَادِيثِ الْكِتَابِ الَّذِي شَرَحَهُ انْتَهَى.
وَحَدِيثُ الْبَابِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ وَمُسْلِمٌ فِي الْفَضَائِلِ مِنْ طَرِيقِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، الثَّلَاثَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيِّ الْمُجْمِرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَ يَعْمِدُ إِلَى الصَّلَاةِ وَإِنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ بِإِحْدَى خُطْوَتَيْهِ حَسَنَةٌ وَيُمْحَى عَنْهُ بِالْأُخْرَى سَيِّئَةٌ فَإِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ الْإِقَامَةَ فَلَا يَسْعَ فَإِنَّ أَعْظَمَكُمْ أَجْرًا أَبْعَدُكُمْ دَارًا قَالُوا لِمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ مِنْ أَجْلِ كَثْرَةِ الْخُطَا
ــ
٦٥ - ٦٣ - (مَالِكٌ عَنْ نُعَيْمٍ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ (بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيِّ) مَوْلَى آلِ عُمَرَ، رَوَى عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ وَجَمَاعَةٍ وَعَنْ مُحَمَّدٍ ابْنُهُ وَمَالِكٌ وَآخَرُونَ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا.
(الْمُجْمِرِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْإِجْمَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَبِفَتْحِ الْجِيمِ وَشَدِّ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ مِنَ التَّجْمِيرِ، قَالَ الْحَافِظُ: وُصِفَ هُوَ وَأَبُوهُ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِمَا كَانَا يُبَخِّرَانِ مَسْجِدَ النَّبِيِّ ﷺ، وَزَعَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ وَصْفَ عَبْدِ اللَّهِ بِذَلِكَ حَقِيقَةٌ، وَوَصْفَ ابْنِهِ نُعَيْمٍ بِذَلِكَ مَجَازٌ فِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ جَزَمَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ بِأَنَّ نُعَيْمًا كَانَ يُبَاشِرُ ذَلِكَ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُجَمِّرُ الْمَسْجِدَ إِذَا قَعَدَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَقِيلَ كَانَ مِنَ الَّذِينَ يُجَمِّرُونَ الْكَعْبَةَ، زَادَ غَيْرُهُ: وَقِيلَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُجَمِّرُ الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ وَلَا مَانِعَ مِنَ الْجَمْعِ.
(أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: كَانَ نُعَيْمٌ يُوقِفُ كَثِيرًا مِنْ أَحَادِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُقَالُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ فَهُوَ مُسْنَدٌ، وَقَدْ وَرَدَ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ.
(مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وَضُوءَهُ) بِإِتْيَانِهِ بِفَرَائِضِهِ وَسُنَنِهِ وَفَضَائِلِهِ وَتَجَنُّبِ مَنْهِيَّاتِهِ.
(ثُمَّ خَرَجَ عَامِدًا إِلَى الصَّلَاةِ) أَيْ قَاصِدًا لَهَا دُونَ غَيْرِهَا (فَإِنَّهُ فِي صَلَاةٍ) أَيْ فِي حُكْمِهَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مَأْمُورًا بِتَرْكِ الْعَبَثِ وَفِي اسْتِعْمَالِ الْخُشُوعِ وَلِلْوَسَائِلِ حُكْمُ الْمَقَاصِدِ وَهَذَا الْحُكْمُ مُسْتَمِرٌّ.
(مَا دَامَ يَعْمِدُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ يَقْصِدُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَمَاضِيهِ عَمَدَ كَقَصَدَ وَفِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ مِنْ بَابِ فَرِحَ.
(إِلَى الصَّلَاةِ) أَيْ مَا دَامَ مُسْتَمِرًّا عَلَى مَا يَقْصِدُهُ، ثُمَّ الْمُرَادُ أَنْ

1 / 161