Sharh Cala Mawahib
شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
1417 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Prophetic Biography
ويتبين بذلك معنى قوله ﷺ: "كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد".
ثم قال: فإذا عرف هذا فالنبي ﷺ نبي الأنبياء، ولهذا ظهر في الآخرة جميع الأنبياء تحت لوائه، وفي الدنيا كذلك ليلة الإسراء صلى بهم. ولو اتفق مجيئه في زمن آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به ونصرته. وبذلك أخذ الله عليهم الميثاق. انتهى وسيأتي إن شاء الله تعالى لذلك في المقصد السادس.
_________
بالبعث اتصافه ﷺ بكونهم مأمورين في الأزل بتبعيته إذا وجد؛ كما هو صريح كلامه، فلا يخالفه واحد فضلا عن الجمهور.
"ويتبين بذلك" وفي نسخة بهذا، أي: المذكور من أنه نبي وأخذ الميثاق عليهم باتباعه وأن الأرواح قبل الأجساد، "معنى قوله ﷺ: "كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد" " فقد يكون إشارة إلى روحه أو حقيقة من الحقائق إلى آخر ما مر، ومعناه: أن حقيقته ظهرت بالنبوة قبل خلق آدم وحلول الروح في جسده. "ثم قال" بعد نحو ورقة من جملتها ما قدمه عنه قريبًا، "فإذا عرف هذا، فالنبي ﷺ نبي الأنبياء" أي: مرسل إلى الجميع مع بقائهم على نبوتهم، "ولهذا" أي: كونه نبي الأنبياء "ظهر في الآخرة جميع الأنبياء تحت لوائه" كما قال ﷺ في حديث أنس عند أحمد: "وبيدي لواء الحمد آدم فمن دونه تحت لوائي"، وهو معنوي. وهو انفراده بالحمد يوم القيامة وشهرته به على رءوس الخلائق؛ كما جزم به الطيبي والسيوطي أو حقيقي مسمى بذلك وعند الله علم حقيقته ودونه تنتهي جميع المقامات، ولما كان المصطفى أحمد الخلق في الدارين أعطيه ليأوي إليه الأولون والآخرون، ولذا قال آدم فمن دونه ... إلخ؛ كما قاله التوربشتي والطبري.
وأما ما رواه ابن منيع والطبري وغيرهما في صفته، فقال الطبري: موضوع بين الوضع. "وفي الدنيا كذلك ليلة الإسراء صلى بهم" إمامًا "ولو اتفق مجيئه في زمن آدم ونوح" سمي به لنوحه على ذنوب أمته، واسمه عبد الجبار؛ كما في حياة الحيوان، أو عبد الغفار؛ كما في الأنس الجليل، أو يشكر أو لكثرة بكائه على نفسه من قوله في كلب ما أوحشه فأوحى إليه: أخلق أنت أحسن منه، فكان يبكي اعتذارًا من تلك المقالة، فأوحى الله إليه: يا نوح إلى كم تنوح، فسماه بذلك الله؛ كما في تفسير القشيري.
وفي ربيع الأبرار بكى نوح ثلاثمائة سنة على قوله: إن ابني من أهلي. "وإبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به ونصرته، وبذلك أخذ الله عليهم الميثاق، انتهى، وسيأتي إن شاء الله تعالى مزيد لذلك في المقصد السادس".
1 / 80