Sharḥ bāb tawḥīd al-ulūhiyya min fatāwā Ibn Taymiyya
شرح باب توحيد الألوهية من فتاوى ابن تيمية
Genres
مذهب السلف في الشفاعة لأهل الكبائر وغيرهم وبيان ضابطها
قال رحمه الله تعالى: [ومذهب سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة إثبات الشفاعة لأهل الكبائر، والقول بأنه يخرج من النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
وأيضًا فالأحاديث المستفيضة عن النبي ﷺ في الشفاعة، فيها استشفاع أهل الموقف ليقضى بينهم، وفيهم المؤمن والكافر، وهذا فيه نوع شفاعة للكفار، وأيضًا ففي الصحيح (عن العباس بن عبد المطلب ﵁ أنه قال: يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء؟ فإنه كان يحوطك ويغضب لك.
قال: نعم هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار)، وعن عبد الله بن الحارث قال: (سمعت العباس يقول: قلت: يا رسول الله! إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك، فهل نفعه ذلك؟ قال: نعم، وجدته في غمرات من نار فأخرجته إلى ضحضاح).
وعن أبي سعيد الخدري ﵁: (أن رسول الله ﷺ ذُكر عنده عمه أبو طالب فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار، يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه).
فهذا نص صحيح صريح لشفاعته في بعض الكفار أن يخفف عنه العذاب، بل في أن يجعل أهون أهل النار عذابًا، كما في الصحيح أيضًا عن ابن عباس ﵄: أن رسول الله ﷺ قال: (أهون أهل النار عذابا أبو طالب وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه).
وعن أبي سعيد الخدري ﵁، أن رسول الله ﷺ قال: (إن أدنى أهل النار عذابًا منتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه)، وعن النعمان بن بشير ﵁ أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه)، وعنه قال: قال رسول الله ﷺ (إن أهون أهل النار عذابًا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحدًا أشد منه عذابًا، وإنه لأهونهم عذابًا).
وهذا السؤال الثاني يضعف جواب من تأول نفي الشفاعة على الشفاعة للكفار، وإن الظالمين هم الكافرون.
فيقال: الشفاعة المنفية هي الشفاعة المعروفة عند الناس عند الإطلاق، وهي أن يشفع الشفيع إلى غيره ابتداء فيقبل شفاعته، فأما إذا أذن له في أن يشفع فشفع لم يكن مستقلًا بالشفاعة، بل يكون مطيعًا له، أي: تابعًا له في الشفاعة، وتكون شفاعته مقبولة ويكون الأمر كله للآمر المسئول].
13 / 4