============================================================
شرح الأنفاس الروحانية النوري حيث قال: "فقد الوجد بالموجود" فافهم وقال الجنيد: "الوجد اتقطاع الأوصاف عند سمة اللذات بالسرور" يعني انقطاع أوصاف الوجد كزوال الفهم، والعقل، والحياء، الخجالة، وما أشبه ذلك.
قوله: لاعند سمة اللذات" أي عند أثر اللذات الحاصلة بالسرور الحاصل بما وجد.
وقال ابن عطاء: "الوجد انقطاع الأوصاف عند سمة اللذات بالحزن" يعني بانقطاع الأوصاف ما ذكرنا في كلام الجنيد.
قوله: لاعند سمة اللذات بالحزن" صحيح؛ لأن اللذات بالحزن كائن للسالكين في طريق المتصوفة، وكثير منهم من ينقطع عن لذات الحزن يبقى فيه الحزن لأنه يستطيبه فلا يرتقى عنده، وقد رأيت بعضهم يقول: "اللهم احفظ على ما أتا فيه من حزنك" ويقول: "لا أريد الوصال، ولا المشاهدة، والعيان، ولا الجنة، ولا الجنان، اللهم أبقني فيما أنا فيه" ثم إن هذه اللذات بماذا تحصل بعين الحزن، أو بغيره قيل: إن الله تعالى إذا رأي عبدا مستغرقا في الحزن وكاد يهلك به يغيثه عند ذلك فيخلق له لذة بشيء لا يفهم الخلق ما هو فيتقوى بتلك اللذة ويبقى فلا يهلك الحزن، وهذا وجه قوي غير أن كلمة ابن عطاء تدل على آنه يتلذذ بعين الحزن وذاته؛ لأنه أضاف اللذات إلى الحزن بالباء والباء للتعليل والتلصيق فافهم ثم إن كلام ابن عطاء وإن كان على خلاف الجنيد حيث أضاف إلى اللذات بالحزن والجنيد أضاف إلى اللذات بالسرور ولكن لا خلاف بينهما في ماهية الوجد، وحقيقته غير أنه وضع الكلام في أحد نوعي الوجد من غير إنكار نوعه الآخر، والجنيد وضع في نوعه الآخر من غير إنكار لهذا النوع فافهم
Page 236