============================================================
شرح الأنفاس الروحانية باب صفة العلم (1) قال الجنيد رحمة الله عليه: "العلم أن تعلم قدرك" إنما أراد بهذا العلم، العلم الذي يعلم الله تعالى به، قوله: "أن تعلم قدرك" أي تعلم نقسك بتمام قدرها يعني أفضل العلوم، وأتمها لك ما تعلم الله تعالى به وذاك مربوط بعلمك نفسك لقول النبي "من عرف نفسه فقد عرف ربه (2)".
وعن عيسى الظهل: "اعرف نفسك تعرف ربك".
وقال بعض الأنبياء، أو الأولياء والله أعلم: "اعرف قدرك تعرف ربك".
ومن هنا قال الجنيد قدس الله سره: "العلم أن تعلم قدرك" وعندى قدر المرء مقدر بمقدار ما يرتقي في مراقي الأرواح وذلك قدره وحده، فعلى هذا كان لكل امرئ قدرة يرتقى في كل ساعة قدر قدره وفي كل يوم أعظم، وأكبر مما كان أمس، وقال أيضا لامن عرف الله عليه العبودية" يعتي من عرف الله تعالى يقينا خف وسهل عنده قدر العبادة والعبودية ومقدار العيد.
وقال ابن عطاء "العلم أربعة: علم المعرفة، وعلم العبادة، وعلم العبودية، وعلم الخدمة" اعلم أن المعرفة عنده أبلغ من العلم المطلق في العلم بالله تعالى وصفاته تكون لعامة المؤمنين يحصل بالتقليد، أو النظر، والاستدلال بالأخبار، والآيات، والأدلة العقلية، والشرعية، فأما المعرفة لا يكون إلا للأولياء يحصل (1) العلم: عبارة عن حقيقة حاصلة للعالم، يتعلق بالموجود على حقيقته التي هو عليها، وبالمعدوم على حقيقته التي يكون عليها إذا وجده وإن شئت قلت: العلم ظهور عين العين، أي: حقيقة الحقيقة ، بحيث يكون أثر الظاهر حاصلا لمن ظهر له من حيث الظهور فقط، انظر: لطائف الأعلام للقاشاني (ص322).
(2) رواه أبو نعيم في الحلية (208/10).
Page 204