============================================================
شرح الانفاس الروحانية : "لا صفيرة مع إضرار ، ولا كبيرة مع اشتغفار"(1) فكذلك الفاتر عن سيره في الطريقة، والتفت إلى الغير في الحقيقة إن لم يرجع سريعا، فهو كمسوف التوبة في الشريعة، وهذا قول ضعيف عندهم لأنهم يسمون الملتفت في الحقيقة والفاتر في الطريقة هاريا ولو بلحظة فأما من سؤف الرجوع إلى شأنه لا يسمونه هاربا وفاترا، بل يسمونه فاجرا، وكافرا.
قال: "ويقال الهرب العلم بالمعصية" يعني إن وقع ذلك منه ناسيا لا يعد هربا، وإنما أراد به اهرب في الشريعة لا في الطريقة؛ لأن المعصية في الشريعة هى الصغيرة، أو الكبيرة فلو وقع منه ناسيا كان معفو لقوله "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"(1، وأما المعصية في الطريقة هى الفتور في التوقف عن السير لحظة، وذلك مأخوذ على المريدين، وإن وقع ناسيا، وكذلك الالتباس في عالم الحقيقة إلى غير الحقيقة معصية مأخوذة على البالغ، وإن كان ناسيا ولو كان ذاكرا يسمى كاهلا مؤيدا فضلا عن كونه هاريا، اللهم إلا أن يكون كبيرا كاملا قادرا على جمع كونا أن ينظر إلى غير الله تعالى فيقول: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"(2) فيقول الله تعالى في حقه ما زاغ البصر وما طغى} [النجم: 17] أي: لم يلتفت إلى غير الله تعالى، فعلم بذلك أن لاحظ هذه الكلمة في الحقيقية والطريقة وانما هى في الشريعة أن معصية الخاطى والناسيي، والساهي معقولة، اللهم إلأ أن يقول قائل منهم: أن للنسيان في الطريقة والحقيقة عذر، ولا أعلم (1) رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده كما في المطالب العالية للحافظ ابن حجر (316/9)، وابن أبي الدنيا في التوبة (166)، وذكره ابن رجب في لجامع العلوم والحكم" (ص179) وقال: وروي مرفوعا من وجوه كمال.
(2) رواه ابن ماجه (259/1).
(3) رواء البخاري (287/1)، ومسلم (301/1).
Page 109