============================================================
شرح الأنفاس الروحانية إلى الله تعالى من المطيع فمن عرف هربه ويرجع، وجد الله أقرب إليه من حبل الوريد، وفي نسخة الهارب أقرب إلى الله تعالى من المطيع فمن عرف هربه فقد رجع، ومن رجع وجد الله أقرب إليه من حبل الوريد، يعني يدعو من هرب منه على ألسنة الرسل، فقال الله تعالى :{يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشترا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا} أي: بأمره، حيث قال: {اذغ إلى سبيل ربك بالحكمة والمؤعظة الحسنة} وقوله: "ويعطى لمن حرمه"، كما أعطى مصر لفرعون، والكنوز لقارون، وفال: وآتيناه من الكنوز} (القصص: 76].
قوله: لاومن لم يجد علامته"، آي: لم يجد العلم بما قلت، فدلالته أن جيء الهارب إلى الله تعالى أقر، وهذا مجرب عندهم، إن من فتر عن الذكر والمراقبة أياما في مقامات الطريقة أو توقف عن الارتقاء، وطلب المزيد في عالم الحقيقة ثم عاد كان أقوى، وأسرع إلى المقصود من المطيع القائم الدائم على شأنه وذلك من شدة ارادة الله الخير بعباده لو كسل واحد منهم جذبه إليه باللطف، وإن لم يأت فبالعنف والسلاسل كالوالد يدعو ولده إلى التعلم بالرشد، فإن أبى فيالسوط، وإن كان الولد رشيدا يخليه إلى رشده.
وقال: "الهرب الوحشة في العيودية" يعني بالوحشة: التكاسل والتباعد عن العبودية، ولا يعني بالعبودية العبادة، و إنما يعني بها الحخاصية التي يصير بها العبد عبدا، وهى التذلل والتواضع، كما عرف في كتاب "إصلاح الأخلاق"(1) وفي (1) ذكره البغدادي في هدية العارفين (ص498).
Page 107