Sharh Alfiyyah Ibn Malik li-Hazmi
شرح ألفية ابن مالك للحازمي
Genres
وفخم اللام من اسم الله عن فتح عن .. بمعنى: بعد، عن فتح أو ضم كعبد الله.
إذًا: أصل الله: الإله، معناه كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين.
حاصل أن الذي ينبغي أن يعلم: أن لفظ الجلالة: الله، علم مشتق على الصحيح، بل ابن القيم رحمه الله تعالى أنكر صحة نسبة قول بالجمود لسيبويه، قال: بل سيبويه يرى أنه مشتق، وأن أصحابه أو بعضهم قد غلطوا عليه.
الله: أي المعبود.
الرحمن الرحيم .. باسم: قلنا: اسم هذا مضاف ولفظ الله الجلالة مضاف إليه، وهنا الإضافة من إضافة الاسم إلى المسمى، حينئذٍ تكون بيانية، فتفيد العموم، باسم: باسم الله، أي: بكل اسم هو لله ﷿، فحينئذٍ فيه نوع تعلق قلب بالله ﷿، وهو أن الباء هذه للاستعانة، أو المصاحبة على وجه التبرك، حينئذٍ إذا استحضر في قلبه أنه مستعين بكل اسم هو لله ﷿ زاده يقينًا وتعلقًا بربه.
الرحمن الرحيم: اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، إلا أن الرحمن أكثر مبالغةً من الرحيم؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، رحمن: على خمسة أحرف، ورحيم: على أربعة أحرف، وزيادة المبنى حروف مادة جوهر الكلمة تدل على زيادة المعنى غالبًا، احترازًا من حذرٍ وحاذر.
الرحمن الرحيم، الرحمن: من جهة المعنى عام، ومن جهة اللفظ والإطلاق خاص، والرحيم: من جهة اللفظ عام، ومن جهة المعنى خاص، فبينهما عموم وخصوص.
الرحمن: عام المعنى، من حيث إن الرحمة تشمل الكافر والمؤمن، بل حتى البهائم، ومن حيث اللفظ لا يجوز إطلاقه إلا على الله ﷿، فهو خاص بالرب جل وعلا، والرحيم: هذا من حيث المعنى خاص بالمؤمنين: «وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا» [الأحزاب:٤٣] قدم ما حقه التأخير فأفاد القصر والحصر، أي: بالمؤمنين لا بغيرهم، فدل على أن رحيم: لا يتعلق برحمة الكافرين، بخلاف الرحمن.
أما من حيث اللفظ فهذا عام، قل: جاء زيد الرحيم، جاء: فعل ماضي، وزيد: فاعل، والرحيم: نعت، إذًا: وصف به المخلوق، فليس خاصًا من حيث اللفظ، فالاشتراك في اللفظ لا في المعنى، الاشتراك في اللفظ، هذا يتعلق بقاعدة الأسماء والصفات: أن اللفظ إذا كان مطابقًا للفظ أطلق على الرب جلا وعلا حينئذٍ الاشتراك في القدر المشترك من حيث الجنس، وأما من حيث اللفظ فاللفظ هو هو، وأما من حيث المعنى، حينئذٍ إذا أطلق دون إضافة إلى الرب جل وعلا أو إضافة إلى المخلوق حينئذٍ اشتركا في الجنس، أو القدر المشترك، ثم إذا أضيف إلى الرب انفصل المعنى، وإذا أضيف إلى المخلوق انفصل المعنى، كما قرره ابن تيمية في التدمُرية.
إذًا: بسم الله الرحمن الرحيم، باسم الله الرحمن: رحمن من حيث السنة المتبعة، تجر: رحمنِ، على أنه نعت للفظ الجلالة، وأعربه بعضهم: بدل، بناءً على أن الرحمن هل هو علم أو كالعلم؟ مسألة خلافية عند النحاة، جاء استعمال الرحمن مستقلًا أضيفت إليه الأوصاف، فقال: «الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» [طه:٥] إذًا: هذا صار علمًا، «الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ» [الرحمن: ٤ - ٢] صار علمًا.
1 / 6