Sharḥ Alfiyya Ibn Mālik liʾl-Ḥāzimī
شرح ألفية ابن مالك للحازمي
Genres
مع كونه إذا كان مؤلفًا من حرفين وإن لم يفهما لا يسمى كلامًا عند النحاة، لو عكس لم قال: مل ولم ينوي به معنىً حينئذٍ أقول: هذا ليس بكلام عند النحاة؛ لأنه مؤلف من حرفين، وإذا كان مؤلفًا من حرفين ليس عندنا إسناد، وليس عندنا مسندًا، ولا مسندًا إليه حينئذٍ انتفى عنه وصف الكلام عند النحاة.
وأما الكلام عند الأصوليين فهو اللفظ المنزل على محمد ﷺ للإعجاز بأقصر سورة منه المتعبد بتلاوته:
لفظ منزل على محمد ... لأجل الاعجاز وللتعبد
هذا خاص بالقرآن، إذًا: الكلام عند الأصوليين، ولذلك يقولون: الكتاب .. يبدءون بأول الأدلة، ومراد به القرآن، هذا عند الأصوليين.
بقي الكلام عند أهل الكلام: وهو عبارة عن المعنى القديم القائم بنفسه بذاته جل وعلا، وهذا قلنا أنه باطل.
إذًا: قوله: كلامنا، هل هو احتراز عن كلام الأصوليين، وكلام الفقهاء، وكلام المتكلمين والمناطقة؟ نقول: لا، ليس للاحتراز، أتى بالإضافة وإن كان مستغنًا عنها بكون التأليف في النحو كما صرح به في الخطبة: مقاصد النحو .. للإشارة إلى اختلاف الاصطلاحات لغةً واصطلاحًا، يعني: أهل اللغة لهم كلام، هو إمام يتكلم بلسان العرب، إذًا: عندنا دائرة وهي: من يتكلم في اللغة، وهؤلاء أهل لغة ونحاة .. لما قال: مقاصد النحو .. قد يتكلم متكلم من أهل اللغة فيعرف الكلام في فن اللغة وليس في فن النحو، حينئذٍ يكون الاحتراز هنا ليس عن فن مغاير كل المغايرة لعلم اللغة، وإنما لذكر أن الكلام له معنىً في أصل اللغة، ثم جعل له حقيقةً عرفية عند النحاة.
فالاحتراز هنا ليس عن مطلق الكلام في سائر الفنون، وإنما عن دائرة وإن كانت ضيقة في فن اللغة على جهة العموم.
للإشارة إلى اختلاف الاصطلاحات لغةً واصطلاحًا، والكلام الآن في الاصطلاحي لا في اللغوي، وفيه إشارة إلى أن المصنف من مجتهدي النحاة، كلامنا .. أتى بـ: نا، الدالة على التعظيم، وهذا قد يستخدمه الكبير.
إذًا: كلامنا معاشر النحويين لفظ مفيد، يعني: ما اشتمل على جزأين .. على أمرين اثنين، إن وجدا حكمنا عليه بأنه كلام عند النحاة، فإن انتفى واحد منهما انتفت حقيقة الكلام عند النحاة، فضلًا عن انتفاء الركنين أو الجزأين، وهما: اللفظ والإفادة، فما كان لفظًا مفيدًا فهو كلام عند النحاة، وما كان لفظًا غير مفيد بالفائدة المرادة عند النحاة فليس بكلام اصطلاحًا، وما كان مفيدًا فائدة تامة ولم يكن لفظًا، حينئذٍ ليس بكلام عند النحاة.
وهل يكون مفيدًا فائدة تامةً وليس بلفظ؟ نعم، يمكن قلنا: الإشارة، معناها: قم هذه، أو اجلس، نقول: هذه استفاد منها معنىً تام، يعني: فائدة تامة، لكنها ليست بلفظ، حينئذٍ لا بد من اجتماع الأمرين، الأول: اللفظ والثاني: الإفادة.
قوله: لفظ، هذا مصدر: لفظ يلفظ لفظًا، لكنه من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول؛ لأن اللفظ هو التلفظ .. هو فعل الفاعل، كما أن التكلم هو فعل الفاعل متكلم، والأثر الذي يكون بالمصدر هو المراد حده هنا، وهو الكيفيات الحاصلة من فعل الفاعل.
3 / 10