بسم الله الرحمن الرحيم [خطبة الكتاب] [٢] // قال الشيخ الإمام العالم العامل الفاضل الكامل المتقن المحقق مجمع الفضائل فريد دهره ولسان عصره بدر الدين أبو عبد الله محمد بن الإمام حجة العرب محمد بن مالك الطائي الجياني تغمده الله برحمته: أما بعد حمد الله سبحانه بما له من المحامد على ما أسبغ من نعمه البوادي والعوائد، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، المرسل رحمة للعالمين وقدوة للعارفين، وعلى آله وأصحابه الطاهرين، وعلى سائر عباد الله الصالحين. فإني ذاكر في هذا الكتاب أرجوزة والدي ﵀ في علم النحو، المسماة بالخلاصة. ومرصعها بشرح يحل منها المشكل، ويفتح من أبوابها كل مقفل. جانيت فيها الإيجاز المخل، والإطناب الممل، حرصًا على التقريب لفهم مقاصدها، والحصول على جملة فوائدها. راجيًا من الله تعالى حسن التأييد والتوفيق والتسديد، بمنه وعونه.

1 / 3

وهذه أول الأرجوزة: ١ - قال محمد هو ابن مالك ... أحمد ربي الله خير مالك ٢ - مصليًا على الرسول المصطفي ... وآله المستكملين الشرفا ٣ - وأستعين الله في ألفيه ... مقاصد النحو بها محويه النحو في اللغة: هو القصد. وفي اصطلاحنا: عبارة عن العلم بأحكام مستنبطة من استقراء كلام العرب، [٣] أعني أحكام الكلم في ذواتها، أو فيما يعرض لها بالتركيب لتأدية أصل // المعاني من الكيفية والتقديم والتأخير، ليحترز بذلك عن الخطأ في فهم معاني كلامهم، وفي الحذو عليه. ٤ - تقرب الأقصى بلفظٍ موجز ... وتبسط البذل بوعدٍ منجز يقول: إن هذه الألفية؛ مع أنها حاوية للقصد الأعظم من علم النحو لما فيها من المزية على نظائرها؛ أنها تقرب إلى الإفهام المعاني البعيدة، بسبب وجازة اللفظ وإصابة المعنى وتنقيح العبارة وتبسط الذل أي: توسع العطاء بما تمنحه من الفوائد لقرائها واعدة بحصول مأربهم، وناجزة بوفائها. ٥ - وتقتضي رضًا بغير سخط ... فائقةً ألفية ابن معط ٦ - وهو بسبقٍ حائز تفضيلا ... مستوجب ثنائي الجميلا ٧ - والله يقضي بهباتٍ وافره ... لي وله في درجات الآخرة

1 / 4

الكلام وما يتألف منه ٨ - كلامنا لفظ مفيد كاستقم ... واسم وفعل ثم حرف الكلم ٩ - واحده كلمة والقول عم ... وكلمة بها كلام قد يؤم وهذا ما أراده بقوله: ........ مفيد كاستقم ... ......................... كأنه قال: الكلام لفظ مفيد فائدة تامة، يصح الاكتفاء بها كالفائدة في (استقم) فاكتفى عن تتميم الحد بالتمثيل. ولابد للكلام من طرفين: مسند، ومسند إليه، ولا يكونان إلا اسمين نحو: زيد قائم، أو اسمًا وفعلا نحو: قام زيد، ومنه (استقم) فإنه مركب من فعل أمر، وفاعل: هو ضمير المخاطب، تقديره: استقم أنت. وقوله: .................... ... واسم وفعل ثم حرف الكلم واحده كلمة .............. ... ........................

1 / 5

يعني: أن الكلم اسم جنس، واحده كلمة، كلبنة ولبن، ونبقة ونبق. وهي على ثلاثة أقسام: اسم وفعل وحرف؛ لأن الكلمة إما أن يصح أن تكون ركنًا للإسناد، أو لا، الثاني الحرف، والأول: إما أن يصح أن يسند إليه، أو لا، الثاني الفعل، والأول الاسم. وقد ظهر من هذا انحصار الكلمة في ثلاثة أقسام. والمراد بالكلمة: لفظ بالقوة، أو لفظ بالفعل، مستقل، دال بجملته على معنى مفرد بالوضع. (فاللفظ) مخرج للخط والعقد والإشارة والنصب (وبالقوة) مدخل للضمير [٤] في نحو: افعل، وتفعل، و(لفظ بالفعل) مدخل لنحو زيد // في قام زيد، و(مستقل) مخرج للأبعاض الدالة على معنى كألف المفاعلة، وحروف المضارعة، و(دال) معمم لما دلالته ثابتة، كرجل، ولما دلالته زائلة، كأحد جزأي امرئ القيس، لأنه كلمة، ولذلك أعرب بإعرابيين: كل على حدة، و(بجملته) مخرج للمركب، كغلام زيد، فإنه دال بجزءيه على جزءي معناه، و(بالوضع) مخرج للمهمل، ولما دلالته عقلية، كدلالة اللفظ على حال اللافظ به. وبين الكلام، والكلم عموم من وجه، وخصوص من وجه. فالكلام أعم من قبل أنه يتناول المركب من كلمتين فصاعدًا، وأخص من قبل: أنه لا يتناول غير المفيد. والكلم أعم من قبل: أنه يتناول المفيد، وغير المفيد، وأخص من قبل أنه لا يتناول المركب من كلمتين؛ لأن أقل الجمع ثلاثة. وقوله: ............. والقول عم ... .......................... يعني: أن القول يطلق على الكلم والكلمة والكلام، فهو أعم.

1 / 6

وقوله: ..................... ... وكلمة بها كلام قد يؤم يعني أنه قد يقصد بالكلمة ما يقصد بالكلام: من اللفظ الدال على معنى يحسن السكوت عليه، كقوله ﷺ: (أصدق كلمةٍ قالها شاعر كلمة لبيدٍ، وهي قوله: [من الطويل] ١ - ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل) وكقولهم: (كلمة الشهادة) يريدون بها: (لا إله إلا الله محمد رسول الله). وهو من باب تسمية الشيء باسم بعضه، كتسميتهم ربيئة القوم عينا، والبيت من الشعر قافية. وقد يسمون القصيدة قافية، لاشتمالها عليها، قال الشاعر: [من الوافر] ٢ - وكم علمته نظم القوافي ... فلما قال قافية هجاني أراد قصيدة. ١٠ - بالجر والتنوين والندا وأل ... ومسندٍ للاسم تمييز حصل قد عرفت أن الكلمة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: اسم وفعل وحرف، فلابد من معرفة ما يميز بعضها عن بعض، وإلا فلا فائدة في التقسيم. ولما أخذ في بيان ذلك ذكر للاسم علامات تخصه، ويمتاز بها عن قسيميه. وتلك العلامات هي: الجر والتنوين والنداء والألف واللام والإسناد إليه.

1 / 7