Sharh Al-Tadmuriyyah - Al-Khamees
شرح التدمرية - الخميس
Publisher
دار أطلس الخضراء
Edition Number
١٤٢٥هـ/٢٠٠٤م
Genres
مجازات لا حقيقة لها.
ثانيًا - شبهتهم: شبهتهم في ذلك أن الإثبات يستلزم التشبيه بالموجودات الحية العليمة القديرة.
ثالثًا - الجواب على شبهتهم من وجهين:
• الوجه الأول: على فرض التسليم بأن الإثبات يستلزم التشبيه بالموجودات فكذلك النفي يستلزم التشبيه بالمعدومات، وذلك أقبح من التشبيه بالموجودات.
• الوجه الثاني: على فرض المنع، وهو أن إثبات الأسماء والصفات لا يستلزم التشبيه وغاية ما يحصل هو إثبات القدر المشترك الكلي عند الإطلاق، ولذا فإن التشبيه الذي نفته الأدلة النقلية والعقلية ليس هو الاتفاق في المسميات وإنما نفت ما يستلزم اشتراك الخالق والمخلوق فيما يختص به الخالق من صفات الكمال.
س٨ - ما الاعتراض المشهور للباطنية وما الجواب عليه باختصار؟
ج - الاعتراض المشهور عندهم هو الاعتراض المبني على ما مقدمات ثلاث ونتيجة:
المقدمة الأولى: أن نفي النقيضين إنما يمتنع عما يكون قابلًا للنقيضين.
المقدمة الثانية: أن هذه المتقابلات هي من قبيل تقابل الملكة والعدم أي قد يرتفعان عن المحل الذي لا يقبلهما.
المقدمة الثالثة: أن الله تعالى ليس بقابل لهذه المتقابلات أصلًا.
ـ والنتيجة عندهم: أن الله لا يمتنع عليه رفع النقيضين لأنه ليس بقابل لهما أصلًا.
الجواب على هذا الاعتراض من ثلاثة وجوه:
• الوجه الأول - على فرض المنع: إن هذا الكلام وهو أن هذه المتقابلات من قبيل الملكة والعدم على نوعين:
١ - الوجود والعدم وهذا لا يصح كونهما في الملكة والعدم لأنهما من قبيل السلب والإيجاب، أي النقيضين عند عامة العقلاء فيلزم من رفع أحدهما ثبوت الآخر ويستحيل جمعهما أو رفعهما معًا؛ فلا بد أن يكون الشيء إما موجودًا وإما معدومًا لا ثالث لهما، وهذا مما لا يختلف فيه العقلاء.
٢ - أما الحياة والموت والعلم والجهل فتسميتهما بالملكة والعدم ومع اتصاف الجمادات بها إنما هو اصطلاح المشائين وهم أتباع أرسطو، وسموا بذلك لأنه كان يلقي الدرس وهو يتمشى والتلاميذ يسيرون من حوله وهذا الاصطلاح مردود لوجوه منها:
أولًا: أنه معلوم عقلًا أن ما ليس بحي فهو ميت، وما ليس بعالم فهو جاهل والاصطلاحات لا تدل على نفي الحقائق العقلية الثابتة.
ثانيًا: أن الله وصف الجمادات بالموت كما في قوله تعالى: ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النحل: ٢١] .
ثالثًا: أن تسمية الجمادات بالأموات مشهور في لغة العرب كتسميتهم الأرض الجرداء بالميتة ويقال: إحياء الموات، وغيره كثير.
• الوجه الثاني - على فرض التسليم:
لو سلمنا بأن الله تعالى لا يقبل المتقابلات وإنها كتقابل الملكة والعدم في حقه فيقال:
١ - إن ما لا يقبل الاتصاف بالحياة والموت والعمى والبصر وغيرها، أنقص مما يقبل ذلك، فالأعمى الذي لا يقبل الاتصاف بالبصر أكمل من الجماد الذي لا يقبل الاتصاف بالعمى ولا بالبصر، فأنت فررت من تشبيهه بالأحياء القابلة لصفات الكمال فوصفته بالجمادات غير القابلة لها.
٢ - وأيضًا فإن ما لا يقبل الوجود والعدم أعظم امتناعًا مما يقبلهما، بل ما لا يقبلهما أعظم امتناعًا مما يقبل اجتماعهما أو ارتفاعهما، فإذا كان اجتماعهما وارتفاعهما ممتنعًا في صرائح العقول فعدم قبوله لهما أعظم امتناعًا، فبقولك هذا جعلت الواجب الذي لا يقبل أي عدم هو أعظم الممتنعات وهذا غاية التناقض والفساد.
1 / 164