Sharh Al-Tadmuriyyah - Al-Khamees
شرح التدمرية - الخميس
Publisher
دار أطلس الخضراء
Edition Number
١٤٢٥هـ/٢٠٠٤م
Genres
مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ﴾ [المؤمنون: ٢٨]، وكذلك قوله: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِه ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ﴾ [الزخرف: ١٣]، فاستواء الله تعالى على عرشه علوه عليه علوًا خاصًا يليق به على كيفية لا نعلمها ولا تماثل صفة المخلوقين، وليس هو العلو المطلق على سائر المخلوقات.
وقوله: "والكيف مجهول" أي: أن كيفية استواء الله على عرشه مجهولة لنا، وذلك لوجوه ثلاثة:
١ - أن الله أخبر أنه استوى على عرشه ولم يخبرنا كيف استوى.
٢ - أن العلم بكيفية الصفة فرع عن العلم بكيفية الموصوف وهو الذات، فإذا كنا لا نعلم كيفية ذات الله، فكذلك لا نعلم كيفية صفاته.
٣ - أن الشيء لا تعلم كيفيته إلا بمشاهدته، أو مشاهدة نظيره أو الخبر الصادق عنه وكل ذلك منتفٍ في استواء الله ﷿ على عرشه، وهذا يدل على أن السلف يثبتون للاستواء كيفية لكنها مجهولة لنا.
وقول: "والإيمان به واجب" أي: أن الإيمان بالاستواء على هذا الوجه واجب؛ لأن الله تعالى أخبر به عن نفسه، وهو أعلم بنفسه، وأصدق قولًا وأحسن حديثًاَ فاجتمع في خبره كمال العلم، وكمال الصدق وكمال الإرادة وكمال الفصاحة والبيان، فوجب قبوله والإيمان به.
وقوله: "والسؤال عنه" أي: عن كيفيته "بدعة"؛ لأن السؤال عنها لم يُعرف في عهد النبي ﷺ ولا خلفائه الراشدين، وهو من الأمور الغيبية فكان إيراده بدعة، ولأن السؤال عن مثل ذلك من سمات أهل البدع، ثم إن السؤال عنه مما لا تمكن الإجابة عليه فهو من التنطع في الدين، وقد قال النبي ﷺ: "هلك المتنطعون".
وهذا القول الذي قاله مالك وشيخُه يقال في صفة نزول الله تعالى إلى السماء الدنيا وغيره من الصفات: إنها معلومة المعنى، مجهولة الكيفية، وأن الإيمان بها على الوجه المراد بها واجب، والسؤال عن كيفيتها بدعة.
1 / 156