============================================================
المرصد الثالث - المقصد الأول: أنه إن خلا عن الحكم تصور، فيكون لكل من قسمي العلم طريق موصل يخصه، وإن جعل فعلا كما توهمه العبارات التي يعبر بها عنه من الإسناد، والإيجاب والإيقاع والسلب والانتزاع، فالصواب آن يقسم العلم إلى تصور ساذج، وتصور معه تصديق كما ورد في بعض الكتب المعتبرة، فللعلم حينيذ وهو التصور مطلقا طريق خاص كاسب، لما هو نظري منه، (قوله: فالصواب إلخ) اي الصواب أن لا يجعل الحكم نفسه ولا المركب منه، ومن غيره قسما من العلم واما إطلاق التصديق على التصور المقارن للحكم حشى ينقسم العلم إلى تصور ساذج، وإلى التصديق اي تصور معه حكم كما يتبادر من عبارة متن الكتاب فجائز، لكن يخالف وصف التصديق بالبداهة والظنية، وغيرها فإنها أوصاف للحكم لا للتصور المقارن له، إلا آن يسامح فيوصف ذلك التصور بوصف عارض له، وإنه تعسف: قوله: (إلى تصور ساذج إلخ) والمقصود من التقسيم ظهور ذلك العارض المنفرد من معروضه بكاسب مخصوص، وقد جعل بعضهم لفظ العلم مشتركا بين المعروض، وذلك العارض، وقسم العلم إليهما فكاته قيل: ما يطلق عليه لفظ العلم، إما تصور وإما حكم، وهو التصديق وتكلف آخرون بجعل الاشتراك معنويا فقالوا: كان الأوائل قسموا المعاني الذهنية إلى نفس الادراك وإلى ما يلحقه وقسموا ما يلحقه إلى ما يجعله محتملا للصدق والكذب، وإلى ما لا يجعله كذلك كالهيئات اللاحقة به في الأمر والنهي، والاستفهام والتمني وغير ذلك وسموا المشترك بين القسمين الأولين علما هذا كله على أن الحكم فعل، والصواب خلافه كذا نقل عنه.
قوله: (كما وقع إلخ) وفي بعض النسخ كما ورد اي تقسيما مماثلا لما ورد في الكتب قوله: (كما توهمه العبارات إلخ) قال الشارح في حواشي المطالع: لا عبرة بإيهام تلك العبارات فإن أهل اللغة لا يفرقون بين القبول والفعل، ويسمون القابل اسم فاعل والمقبول اسم مفعول وفيه نظر، إذ ليس الكلام في لفظ الفعل، والانفعال يل في مثل الإسناد، والإيقاع، ولا شك أن اهل اللغة وضعوها بإزاء الفعل فلا يجوز استعمالها بطريق الحقيقة في الكيف، والانفعال إلا مجازا وهذا كما انهم وضعوا بإزاء الفعل، تحو: الكسر وبإزاء الانفعال نحو الانكسار، فلا تقريب لما ذكره، نعم لو استدل على فعلية الحكم بأن أهل اللغة يطلقون عليه الفعل وعلى الحاكم الفاعل، وعلى المحكوم به المفعول به لكان فيما ذكره تقريب ظاهر.
قوله: (فالصواب أن يقسم العلم إلخ) فعلى هذا يلزم توقف التصديق على خمسة أشياء: قوله: (كما وره في بعض الكتب المعتبرة) قيل عليه قاسم العلم إلى القسمين المذ كورين في بعض الكتب المعتبرة هو ابو علي بن سينا، كما نقله في شرح المطالع، والحكم عنده إدراك لا فعل، فما ذكره صلح لا عن تراضي الخصمين، والجواب أن مراد الشارح أن الصواب حينشذ أن يقسم مطلق العلم إلى القسمين المذكورين، والشيخ إنما قسم إليهما العلم التصوري لا مطلق العلم، كما صرح به الشارح في حواشيه على ذلك الشرح، فإن أراد ببعض الكتب المعتبرة غير كتاب الشيخ، فالأمر ظاهر وإن أراد كتابه، فالضمير في ورد راجع إلى تقسيم العلم بالمعنى
Page 96