============================================================
المرصد الخامس - المقصد الثانى: أنه يؤدي إلى المطلوب وفاسد يقابله للتأدي إلى مجهول ولا شك أن هذا الترتيب يتعلق بشيئين أحدهما تلك العلوم التي يقع فيها الترتيب وهي بمنزلة المادة له والثاني تلك الهيئة المترتبة عليه، وهي بمتزلة الصورة له، فإذا اتصف كل واحدة منهما بما هو صحتها في نفسها اتصف الترتيب قطعا بصحته في نفسه، أعني تأديته إلى المطلوب، وإلا فلا وهذا معنى قوله (ولكل ترتيب مادة وصورة) أي لا بد له من أمرين يجريان منه مجرى المادة والصورة من المركب منهما (فتكون) جواب لما مع الفاء وهو قليل في الاستعمال (صحته) أي صحة النظر بمعنى تاديته إلى المطلوب (بصحة المادة) أي بسبب صحتها، أما في التصورات فمثل ان يكون المذكور في موضع الجنس مثلا جنسا لا عرضا عاما، وفي موضع الفصل فصلا لا خاصة، وفي موضع الخاصة خاصة شاملة بينة، وأما في التصديقات فمثل أن تكون القضايا المذ كورة في الدليل مناسبة للمطلوب وصادقة إما قوله: (ولا شك إلخ) أي هذا الترتيب الذي هو فعل الناظر يتعلق بشيئين أحدهما بمتزلة المادة في كون الترتيب به بالقوة، والثاني بمتزلة الصورة في حصوله به بالفعل، فإذا اتصف كل واحد بما هو صحته في نفسه اتصف الترتيب بالصحة التي هي صقته بخلاف ما إذا كان عبارة عن الحركتين، لأن الحركة حاصلة بالفعل من مبدا المسافة أعني المطلوب المشعور به، بوجه إلى منتهاها أعني الوجه المجهول، وليست يالقوة عتد حصول العلوم وبالفعل عند حصول الهيئة فلا تكون صحة النظر، حينئذ بصحة المادة والصورة بل يترتب ما لأجله الحركة أعنيي حصول العلوم المناسبة، والهيئة المنتجة، وبخلاف ما إذا كان عبارة عن التوجه المذكور فإن العلوم السابقة لا مدخل لها في التادية حينثد، فلا تكون صحته لصحة المادة والصورة أيضا، وبما ذكرنا اندفع ما في شرح المقاصد من أنه يستفاد من عبارة المواقف ابتناء انقسام النظر إلى الصحيح والفاسد، باعتبار المادة والصورة على تقسيره بالترتيب، وليس كذلك ولبعض الناظرين لبيان الابتناء المذكور توجيه بعيد عن العبارة لا يقبله الطبع السليم .
قوله: (وهي بمتزلة المادة إلخ) زاد لفظ يمتزلة لعدم كونهما ركنين للترتيب، ولأن المادة والصورة مختصة بالأجسام، والوجه الأخير ذكره الشارح في حاشيته الكبرى والصغرى، والاعتراض بمنع التخصيص مستندا بأن العلة المادية والصورية شاملة للجواهر والأعراض، منشؤه عدم الفرق بين المادة والصورة والعلة المادية والصورية فلا تكن من الخابطين: قوله: (بسبب صحتها) يعني أن الياء للسببية لا للملابسة، حتى يكون المعنى صحت باعتبار صحتها فيكون وصفه بها باعتبار حال متعلقه، آي صحيح مادتها وصورتها على ما في شرح المقاصد.
رحاشيته الصغرى توجيها لذلك القول، أن الفكر عرض لا مادة له ولا صورة، ففيه بحث لأن المفهوم من إطلاقاتهم في مباحث العلة والمعلول عموم العلة الصورية والمادية بحسب الاصطلاح للجواهر والأعراض كما سيأتي إن شاء الله.
Page 212