============================================================
المرصد الثالث - المقعد الثالث: التصور والتصديق بعضه ضروري بالوجدان1 نفه آن بعض تصوراته، وكذا بعض تصديقاته حاصل له بلا قدرة منه ولا نظر فيه (وإذ لولاه) اي لولا أن بعضا من كل منهما ضروري (لزم الدور أو التسلسل) إذ حينعذ يكون كل واحد من التصور، وكذا كل واحد من التصديق نظريا، فإذا حاولنا تحصيل شيء منهما كان ذلك التحصيل مستندا إلى تصور أو تصديق آخر وهو أيضا نظري مستند إلى غيره من التصورات أو التصديقات، فإما أن يدور الاستناد في مرتبة من المراتب، أو يتسلسل إلى ما لا يتناهى (وهما يمنعان الاكتساب) لأنهما باطلان ممتنعان كما سياتي، فما يتوقف عليهما كان باطلا ممتنعا، وحينيذ يلزم أن لا قوله: (وإذ لولاه إلخ) استدلال على تقدير التنزل عن كونه ثابتا بالوجدات بناء على ما ذهب إليه بعضهم من كون الكل ضروريا أو التصورات ضرورية.
قوله: (فاما أن يدور إلخ) قال قدس سره: اعلم ان لزوم الدور والتسلسل، إنما يتم في التصورات مطلقا، وفي التصديقات إذا امتنع اكتابها من التصورات انتهى، واعترض عليه بأن التصديق بمتاسبة المبادي للمطالب مما لا بد منه، وهو نظري على تقدير نظرية جميع التصديقات، فيلزم الدور أو التسلسل وإن جوزنا اكتساب التصديق من التصورات، والجواب أن اللازم في الاكتساب نفس المناسبة لا العلم بالمناسبة فيجوز أن يكتسب التصديق من تصور يكون مناسبا لذلك التصديق وإن لم يملم مناسبته له: قوله: (لأنهما باطلان الخ) لا يخفى أنه على هذا التقدير يلزم استدراك قول المصنف، وهما يمنمان الاكتساب، إذ يكفي أن يقال: إذا حاولنا تحصيل شيء متهما يلزم الدور أو وعدمه، ومن ها هنا تراهم يردون دعوى الضرورة تارة بأنها لا تمع في محل النزاع، وأخرى يدعونها ويعدون إنكارها مكابرة كما يظهر للمتدرب في مباحثهم، ثم من المعلوم أن ما نحن فيه من المقام الذي يقبل فيه.
قوله: (وإذ لولاه إلخ) هذا استدلال على المدعى بعد التنزل عن دعوى الضرورة الوجدانية، أو تبيه على الحكم البديهي، وبالجملة الغرض منه، إلزام الخصم أيضا فرإن حصوله بادعاء الضرورة الوجدانية محل خفاء هذا، فإن قلت: أن لزوم الدور أو التسلسل إنما يظهر على تقدير نظرية مطلق التصور، والتصديق وأما على تقدير نظرية كل أفراد العلم المفسر بالحد المختار، فلا يجوز أن تكون التصديقات اليقينية نظرية، وتكتسب من الظنيات البديهية إذ لا شك، أن تراكم الظنون قد يفيد اليقين كما في العلم اليقيتي الحاصل بالتواتر، قلت : النظر في الظن لا يفيد العلم وفاقا كما صرح به شارح المقاصد في مباحث النظر، واعلم أن الشارح ذكر في بعض كتبه أن لزوم الدور او التسلسل إنما يتم في التصورات مطلقا، وفي التصديقات لو امتنع اكتسابها من التصور، وفيه بحث لأن التصديق بمناسبة المبادي للطالب مما لابد منه، وهو نظرى على تقدير نظرية جميع التصديقات، فلو جوز اكتساب التصديق لكان لزوم أحد المحالين بالنظر إلى التصديق بالمناسبة بحاله فيتم الدليل في كلا القسمين
Page 105