212

Sharḥ al-Jāmiʿ al-Ṣaḥīḥ

شرح الجامع الصحيح

قوله: «ثم تفيضين عليك من الماء»: أي: ترسلين على سائر جسدك شيئا من الماء، واستدل به بعضهم على وجوب الترتيب في مواضع الغسل، وعلى أن الموالاة غير واجبة لدلالة ثم للتراخي، وفيه أن المقصود بيان كيفية الغسل مع قطع النظر عن ترتيب وتوال وما ليس مقصودا للشارع فلا يصح أن يضاف إليه. سلمنا أن ما ذكرتم قد يستفاد من اللفظ غير أنا نقول: إذا علم المراد وجب الحمل عليه، ومن هاهنا<1/197> وجب تخصيص العام، وتقييد المطلق، وتبيين المجمل، والعدول عن الحقيقة إلى المجاز، سلمنا، فغاية ما فيه أن يستحب الترتيب فقط فأنى لكم بوجوبه.

قوله: «وتطهرين»: أي بذلك من غير نقض لقرونك، وهذا في الغسل من الجنابة، وأما الحيض فإنها تنقض الظفائر عند الغسل منه، وهو مذهبا، وبه قال الحسن وطاوس وأحمد، والحجة لنا حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها نقضا وغسلته بخطمي وأشنان، فإذا اغتسلت من الجنابة صبت على رأسها الماء وعصرت، وقال عبيد ابن عمير: بلغ عائشة أن عبد الله بن عمر يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رءوسهن فقالت: يا عجبا لابن عمر وهو يأمر النساء إذا اغتسلن بنقض رءوسهن أوما يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن، لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد وما أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات، وقال بعض قومنا: لا ينقض إلا أن يكون ملبدا ملتفا لا يصل الماء إلى أصوله إلا بنقضه، فيجب حينئذ من غير فرق بين جنابة وحيض، وقال النخعي: تنقضه في الجنابة والحيض، وكأني به يتمسك بالمنقول عن ابن عمر وهو الذي أنكرته عليه عائشة، ويمكن أن يتمسك بالعموم المقتضي لوجوب استقصاء الغسل من بل الشعر وإنقاء البشر، والجواب أن ذلك مخصص بحديث أم سلمة وعائشة وأنس.

Page 232