213

Sharh al-Aqidah al-Wasitiyyah by Khalid al-Muslih

شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح

Genres

فضل أزواج النبي ﵊ أمهات المؤمنين
قال ﵀: [يتولون أزواج رسول الله ﷺ وأمهات المؤمنين] .
أزواج: جمع زوج، والنبي ﷺ له عدة زوجات، مات عن تسع، والذين تزوجهن إحدى عشرة امرأة، وهؤلاء كلهن من آله، ولهن خاصية أخرى وهي: أنهن أمهات المؤمنين، دليل ذلك قول الله تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب:٦] أزواجه، أي: أزواج النبي ﷺ أمهاتهم، لكن هذا لا يثبت إلا لمن بقي هذا الوصف لها وهو الزوجية، فمن طلقها رسول الله ﷺ هل يثبت لها هذا الحكم؟ الجواب: لا، إنما هذا الحكم ثابت لمن مات عنهن أو متن في حياته.
قال ﵀: [ويؤمنون بأنهن - أي: زوجاته - أزواجه في الآخرة] .
فهن أزواجه في الدنيا، وأزواجه في الآخرة، وهذا يتضمن الشهادة لهن بالجنة، وبه نعرف أن الشهادة ليست مقيدة بمن ذكرهن ﵀، فجميع زوجات النبي ﷺ في الجنة؛ لأنهن أزواجه في الدنيا والآخرة، وثبوت وصف الزوجية لهن في الآخرة يدل على تحريمهن على غيره، فلا يجوز لأحد أن يتزوجهن، وقد انتهى الموضوع فقد متن ﵅؛ لكن هذا بيان لحكم سابق.
قال: [خصوصًا خديجة] .
بعد أن بين ﵀ ما اختص به أزواج النبي ﷺ، بين من هو أحق بهذا الوصف منهن، واعلم أن كل من خص بخصيصة فإنه خص لمعنى، ولم يخص بمجرد التخصيص؛ لأننا نؤمن بأن الله ﷾ حكيم كما قال جل وعلا: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام:١٢٤]، فالله أعلم حيث يجعل الفضل: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد:٢١]، أزواجه اللواتي توفي عنهن ﷺ هن: عائشة، وحفصة، وسودة، وزينب، وأم سلمة، وأم حبيبة، وصفية، وجويرية، وميمونة، تسع زوجات، ومات عنه: خديجة، وزينب بنت خزيمة ﵅، فمات عنه زوجتان، ومات ﷺ عن تسع زوجات، والحق ثابت لجميعهن، فقوله: [ويتولون أزواج رسول الله ﷺ أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة] هذا ثابت للجميع: من مات عنهن، ومن متن عنه.
قال: [خصوصًا خديجة] .
يعني: أحقهن بما ذكر من التولي والمكانة والاحترام، وكونها أيضًا زوجة له في الآخرة خديجة ﵂.
وجه التخصيص قال: [أم أكثر أولاده] هذا واحد.
[وأول من آمن به وعاضده على أمره] هذا اثنين.
[وكان لها منه المنزلة العالية] في حياتها وبعد موتها، فهذا وجه تخصيصها ﵂ بهذا الفضل دون غيرها من الزوجات.
قال: [والصديقة بنت الصديق] الصديقة بنت الصديق هذا معطوف على خديجة ﵂ التي قال فيها النبي ﷺ: (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام)، الثريد هو الخبز مع اللحم، وهو أفضل الطعام؛ لكون الخبز من البر وهو أفضل الطعام، ولكون اللحم من الأدم وهو أفضل الإدام؛ ولذلك كان أفضل الطعام، فـ عائشة ﵂ فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، وهذا تفضيل عائشة على أزواجه ﷺ، وقد وقع الخلاف في أيهما أفضل عائشة أو خديجة؟ والقول الفصل في ذلك أن عائشة ﵂ باعتبار ما جرى منها من نشر العلم وحفظ الشريعة هي أفضل من هذا الجانب، وأما خديجة فباعتبار ما كان منها في أول الإسلام من نصرة رسول الله ﷺ وتأييده وتثبيته وإعانته وإمداده هي أفضل، فكل منهما لها فضل من وجه، وكلهن فاضل ﵅.

25 / 7