155

Sharḥ al-ʿAqīda al-Ṭaḥāwiyya - Nāṣir al-ʿAql

شرح العقيدة الطحاوية - ناصر العقل

Genres

أزلية صفات الله تعالى الذاتية والفعلية
قال رحمه الله تعالى: [قوله: (ما زال بصفاته قديمًا قبل خلقه؛ لم يزدد بكونهم شيئًا لم يكن قبلهم من صفته، وكما كان بصفاته أزليًا كذلك لا يزال عليها أبديًا).
أي: أن الله ﷾ لم يزل متصفًا بصفات الكمال: صفات الذات وصفات الفعل، ولا يجوز أن يعتقد أن الله وصف بصفة بعد أن لم يكن متصفًا بها؛ لأن صفاته سبحانه صفات كمال، وفقدها صفة نقص، ولا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كان متصفًا بضده.
ولا يرد على هذا صفات الفعل والصفات الاختيارية ونحوها، كالخلق والتصوير، والإحياء والإماتة، والقبض والبسط والطي، والاستواء والإتيان والمجيء والنزول، والغضب والرضا، ونحو ذلك مما وصف به نفسه ووصفه به رسوله، وإن كنا لا ندرك كنهه وحقيقته التي هي تأويله، ولا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا، ولكن أصل معناه معلوم لنا كما قال الإمام مالك ﵁ لما سئل عن قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف:٥٤]: كيف استوى؟ فقال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول.
وإن كانت هذه الأحوال تحدث في وقت دون وقت، كما في حديث الشفاعة: (إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثل)؛ لأن هذا الحدوث بهذا الاعتبار غير ممتنع، ولا يطلق عليه أنه حدث بعد أن لم يكن، ألا ترى أن من تكلم اليوم وكان متكلمًا بالأمس لا يقال: إنه حدث له الكلام، ولو كان غير متكلم لآفة -كالصغر والخرس- ثم تكلم يقال: حدث له الكلام، فالساكت لغير آفة يسمى متكلمًا بالقوة، بمعنى أنه يتكلم إذا شاء، وفي حال تكلمه يسمى متكلمًا بالفعل، وكذلك الكاتب في حال الكتابة هو كاتب بالفعل، ولا يخرج عن كونه كاتبًا في حال عدم مباشرته للكتابة].

14 / 3